|
||||||||||||||||||||||||||||
عائدة من "عالم الصمت".. قصة أول طبيبة "صماء" في العالم عالجت المرضى 20 عامًا وتر
![]() "في وجود الأمل يوجد اليقين وفى وجود اليقين توجد العزيمة وفي وجود العزيمة تحدث المعجزات" هذا هو شعار الدكتورة فادية عبد الجواد، أول طبيبة صماء في العالم تخرجت فى كلية الطب بجامعة عين شمس سنة 1986ومارست الطب 20عامًا وهي صماء تمامًا، تخصصت في الأمراض الجلدية والتجميل، وعملت لمدة 12 عامًا في السعودية واليمن وأوغندا وتنزانيا ونيجيريا.
وتتابع استشارية الأمراض الجلدية والتجميل لـ"بوابة الأهرام" أنها وجدت صعوبات هائلة في أثناء دراستها بالجامعة لأنها كانت تقرأ حركة "الشفايف" حين تتحدث باللغة العربية فكان الأمر صعبًا عندما يكون الحديث بالإنجليزية، وكان الأمر بمثابة تحدٍ يومي بمعنى الكلمة، كانت تقضى وقتًا طويلًا في الكلية والمشرحة والمعامل تحاول فك شفرات المناهج الصعبة والكتب، لأنها لم تكن تستفيد كثيرًا من المحاضرات لعدم إجادتها قراءة حركة الشفاه باللغة الإنجليزية، والدراسة والمحاضرات وكل شيء كان باللغة الإنجليزية، وأيضًا لم تجد مساعدة تذكر من أساتذة الكلية، بل على العكس كانوا دائمًا لا يصدقون أنها صماء باستثناء الدكتور على خليفة – رحمه الله – والدكتور طلعت الديب، أستاذ الباثولوجي في طب عين شمس، الذي علمت بعد سنوات من تخرجها أنه ما زال يذكر اسمها في محاضراته وهو ينهر الطلبة ويقول لهم إنه كانت عنده طالبة مجتهدة ولا تسمع وكل أمنيتها أن يبعد الميكروفون قليلاً عن فمه لكي تقرأ حركة شفاهه في المحاضرة.
تحكي الطبيبة الصماء موقفًا حفر بذاكرتها، عندما كانت في الفرقة الرابعة بكلية الطب وفى امتحانات الشفوي لمادة "النساء والتوليد" طلبت من الأستاذ، الذي كان يختبرها أن يكتب لها الأسئلة وأثناء تصحيح الأوراق الخاصة بها علق أنها قد كتبت اسم المريضة خطأ، في ذلك الوقت كان يمر الدكتور ماهر مهران وزير الصحة الأسبق، الذي كان يرأس القسم وقتها فانتقد ذلك وشرح للأستاذ أنها تعانى من فقدان السمع فرد عليه قائلاً "إحنا ناقصين" مستنكرًا وجودها بالكلية، وقرر أن يختبرها مرة ثانية بنفسه فقالت له من حقك أن تختبرني ومن حقي أعرف السؤال بالطريقة التي تناسبني. فى نهاية الامتحان سألها سؤالاً اعتبره صعبًا جدًا وأجابت عليه فورًا وببساطة تامة، فقال لها إنه سأل نفس السؤال لطالب دكتوراه فلم يعرف الإجابة، وقام من كرسيه وحياها واقفًا وابتسم وكان قليل الابتسام وقال لها "ربنا يوفقك"، وكان يومًا من أيام انتصارها، ورغم كل العقبات التي واجهتها في حياتها إلا أنها لم تشعر يومًا أنها معاقة، فهي ترفض كلمة "معاق" من الأساس، واستطاعت أن تمحوها من قاموسها، وتسعي لمحوها من مفردات المجتمع تمامًا.
تسرد الدكتورة فادية عبد الجواد قصتها من البداية في 23 مارس عام 1973 وكانت في الصف السادس الابتدائي حين أصيبت بالحمى الشوكية بعد حفل مدرستها لعيد الأم والذي مثلت وغنت ولعبت أيضًا الباليه والجمباز، فكانت طفلة شقية، ومثقفة، ونتج عن إصابتها بالحمى الشوكية صمم حسي عصبي كامل من الجهتين– فلم تستوعب حينها وتخيلت أنهم يمزحون معها حين أبلغوها بذلك، وجاء والدها بورقة وكتب فيها أنها كانت مريضة جدًا وفى غيبوبة وأن امتحان الابتدائية قريب جدًا، فنست كل ما حولها وطلبت فورا الكتب لتذاكر للامتحان، ولكن رفضوا إحضاره لها خوفًا علي بصرها الذي كان مهددا أيضًا. تتابع أنها حين استيقظت من النوم قررت أن تخرج المارد الذي بداخلها وأن تتغلب على كل ما يعوق تحقيق أحلامها وتذكرت حركة شفاه المعلمة التي كانت تقرأ عليها قطعة الإملاء في امتحان الابتدائية ولم تفهم منها شيئًا ولكن عندما رأت مشهد من فيلم لإسماعيل ياسين وكانت تحفظ الحوار جيدا فربطت هنا حركة "الشفايف" بالحوار الذي تحفظه فقررت أن تركز في لغة حركة "الشفايف" حتى أجادتها خلال 4 شهور تقريبًا.
عن حياتها الشخصية تقول الدكتورة فادية إنها تزوجت وهي في فترة الدراسة في كلية الطب ولها أربعة أبناء هم أروع وأجمل وأرقى إنجازاتها هم "جهاد ماجستير اقتصاد ومديرة بنك في أبو ظبي (30 سنة) والابنة الصغرى سندس تخرجت بمرتبة الشرف من كلية الصيدلة وتعمل في إحدى شركات الأدوية (26 سنة)، والمهندس محمود بكالوريوس حاسبات ومعلومات ومدير شركة للبرمجيات (29 سنة)، ومحمد بكالوريوس تجارة ويعمل في إحدى شركات المحمول". توضح أنها بعد مشوار طويل ظل حوالي 33 عامًا مع حالة الصمم التام الذي عاشت فيه قررت وبإلحاح من ابنتها الكبرى أن تجري عملية زراعة القوقعة الأولى، وعندما سمعت كلمة "ماما" لأول مرة من أبنائها كانت في سعادة غامرة في عام 2014. أجرت عملية القوقعة الثانية، وصارت تسمع بكلتا الأذنين، وخرجت بالكامل من عالم الصمت الموحش الكئيب إلى عالم الأصوات.
بتاريخ: الأحد 09-04-2017 11:03 مساء الزوار: 2222 التعليقات: 0
|