اخر ألاخبار    الجمعية الخليجية للإعاقة تدعوكم لملتقها السنوي ٢٠٢١م       توصيات الملتقى العلمي التاسع عشر ( رياضة ذوي الاعاقة .. تحد وطموح )       اعضاء مجلس الادارة للسنتين 2019 - 2021 للجمعية الخليجية للاعاقة       خالد بن حمد ينيب وزير العمل لافتتاح الملتقى العلمي التاسع عشر لذوي العزيمة       الموقع الخاص للملتقى التاسع عشر       الدعوة لانعقاد الجمعية العمومية رقم 10 لسنة 2019م       الدعوة للملتقى التاسع عشر للجمعية الخليجية للاعاقة       كل عام وانتم بخير       الدورة الخاصة بأعداد إعلاميين في مجال ذوي الإعاقة       ملتقى بصلالة يستعرض مهارات التواصل الإعلامي مع ذوي الإعاقة البصرية والسمعية    
الترجمة بلغة الإشارة - أ.عبدالهادي بن عبدالله العمري

ماهية الترجمة بلغة الإشارة :

حيث إن الأفراد الصم لا يستطيعون التواصل والتعبير عن أنفسهم باللغة المنطوقة، فإن الحاجة تدعو لوجود المترجمين؛ لتسهيل التواصل بين الصم والسامعين في مجالات الحياة المختلفة، حتى يمكن أن نجد مترجمي لغة الإشارة يعملون في مجالات مختلفة كالتربية والتعليم، والصحة، والإعلام، والقانون، والمؤتمرات، وغيرها. إن إضفاء الصفة المهنية على ترجمة لغة الإشارة أدى إلى تأسيس جمعيات تعنى بالترجمة والمترجمين، ووضع قوانين، وتحديد الكفايات اللازمة وأخلاقيات المهنة في جميع أنحاء العالم، وعمل دورات لتدريب وتطوير مترجمي لغة الإشارة. وبالتالي فقد وضعت الأبحاث التي أجريت على ترجمة لغة الإشارة خصائص وطرق إدارة دور المترجمين وإدارة اتصالاتهم، والأخطاء اللغوية التي تصدر عن المترجمين، والتحديات الأخلاقية واللغوية التي تواجه مترجمي لغة الإشارة في مختلف مواضع الترجمة. وينتظر من مترجمي لغة الإشارة الالتزام بأخلاقيات المهنة بشكل يحافظ على سلوكهم المهني من خلال المعتقدات الرئيسة من دقة، وخصوصية وحيادية. ومع مرور الوقت أصبح هناك المزيد من الإدراك للطبيعة المهنية للترجمة ودور المترجم، الذي يتضمن حاجة المترجم إلى أن يأخذ في الحسبان الفروق بين الصم، والخلفيات الثقافية للصم، ومعايير الحوار، وبروتوكولات الاتصال، بالإضافة إلى قواعد وأسس لغة الإشارة. وبالتالي فإن الترجمة تعتبر عملية حوار، في وجود المترجم وكونه أحد المشاركين في التفاعل، وليس مجرد قناة تقوم بتوصيل المعلومات (Cornes & Napier,2005).

وفي ضوء ما سبق يمكن تعريف الترجمة بلغة الإشارة بأنها: "عملية توصيل الرسالة المنطوقة (الكلام) للأفراد الصم عن طريق لغة الإشارة أو تعبيرًات الوجه أو الإيماءات، وتوصيل رسالة الإفراد الصم (الإشارية) للآخرين بالكلام" (Hayes,1991).

كما يعرف كلٌ من كورنس ونابير (Cornes&Napier,2005) الترجمة بلغة الإشارة بأنها: "عملية تسهيل الاتصال بين شخصين أو أكثر ممن لا يشتركون في نفس اللغة، وكذلك ضمان أن جميع الأطراف يصلهم نفس مضمون الرسالة بشكل متساوٍ".

أما مترجم لغة الإشارة فيمكن تعريفه بأنه: "الفرد الذي يقوم بترجمة الرسالة بين الفرد الأصم و الفرد السامع، وذلك باستخدام لغة الإشارة لإيصال الرسالة إلى الفرد الأصم ، واللغة المنطوقة لإيصال الرسالة إلى الفرد السامع" (التركي،2005: 201).

كما يعرف فورستال (Forestal,2001) مترجم لغة الإشارة بأنه: "الشخص الثالث لشخصين يريدان التواصل مع بعضهما، أحدهما سامع والآخر أصم، وهذا يتطلب إجادة لغتين على الأقل كاللغة العربية ولغة الإشارة".

خلاصة القول يعتبر مترجم لغة الإشارة شخص له خبرة مهنية في ذلك المجال، حيث يقوم بتسهيل عملية التواصل بين الصم والسامعين. وما يميز مترجم الصم المؤهل أنه يتمتع بمهارات أخلاقية ويتمتع بالمعرفة والخبرة اللازمتين لأداء المهنة بطريقة محترفة. ومن أكثر الأخطاء الشائعة التي تتعلق بمترجم لغة الإشارة هو الاعتقاد بأن أي دورة تمهيدية في لغة الإشارة أو الهجاء الإصبعي تكفي لتؤهل الشخص للعمل كمترجم في هذا المجال. بينما يحتاج الوصول إلى الترجمة الاحترافية الكثير من التدريب والاختبارات والخبرات (Directory of Qualified Interpreters for the Deaf,1996).

 

ويمكن تقسيم الترجمة بلغة الإشارة إلى ثلاثة أشكال، بيانها فيما يلي :

1- الترجمة من (الكلمات – الإشارات): وفيها ينقل المترجم محتوى الرسالة من اللغة المنطوقة إلى لغة الإشارة، وعادة ما تستخدم في ترجمة المؤتمرات، والترجمة التلفزيونية، وغيرها.

 

2- الترجمة من (الإشارات – الكلمات): وفيها ينقل المترجم محتوى الرسالة الإشارية إلى اللغة المنطوقة، وعادة ما تستخدم في المواقف السابقة، والترجمة في الحياة العامة، وغيرها.

 

3- الترجمة الحرفية الإشارية: وفيها ينقل المترجم المعنى الحرفي لكل كلمة (أو حركة) من اللغة المنطوقة ( أو الإشارة ) إلى اللغة الأخرى، وعادة ما تستخدم في الترجمة القانونية والصحية تحديدًا Forestal,2001)).

 

لمحة تاريخية عن الترجمة بلغة الإشارة:

ترجع أصول الترجمة بلغة الإشارة للصم في الولايات المتحدة الأمريكية إلى الأيام الأولى لتربية وتعليم التلاميذ الصم، وذلك في المدرسة الأمريكية للصم في وست هارتفورد بولاية كونيكتيكت، و التي كانت أول مدرسة تُؤسس للصم عام 1817. ولقد عمل فيها المدرسون كمساعدين بالإشارة أو مؤشرين؛ وذلك لخلق نوع من التواصل بين التلاميذ أو المعلمين الصم وباقي الأفراد السامعين داخل المدرسة (Gannon,1981).

واتسم سلوك هؤلاء المترجمين الأوائل بالمسؤولية تجاه الأفراد الصم الذين كانوا يترجمون لهم، و كان ذلك غالبًا رد فعل عكسي لنظرة المجتمع تجاه الصم في ذلك الوقت، حيث اعتبر الفرد الأصم غير قادر على الاعتناء بشؤونه الشخصية، وغير قادر على الاعتماد على نفسه في أي عمل يقوم به (Dirst & Caccamise,1980).

وبالرغم من ذلك، فإنه لم يمكن الاعتماد بشكل قوي على هؤلاء المترجمين الأوائل  وذلك بسبب كونهم غير متوفرين بشكل دائم بسبب أعمالهم و ارتباطاتهم الشخصية، كما أن الصم كانوا حساسين جدًا تجاه السلوك التربوي الأبوي الذي كانوا يواجهونه من هؤلاء المترجمين والذي لا يعطي للأصم مجالاً لاتخاذ القرار بأنفسهم وهي النقطة التي أثبت مجتمع الصم خطأها عندما نظموا جمعيات الصم الأهلية الخاصة بهم لتعريف الناس بقضيتهم وكان لاستخدامهم الفعَّال لمترجمي لغة الإشارة في هذا الشأن أكبر دليل على تمتعهم بحسّ القيادة و صحة اتخاذ القرارات(Dirst et al.,1980 ; Gannon,1981) .

هذا ولم يكن في القرن التاسع عشرة وأوائل القرن العشرين ما يعرف بمترجمي لغة الإشارة بشكل رسمي لكن كان يطلق عليهم المساعدون أو المؤشرون، وهم في العادة أعضاء في أسر الصم، أو معلمو الصم، أو متطوعون من المدارس الدينية (التركي،2005).

والجدير بالذكر هنا أن مصطلح - مترجم لغة إشارة - قد ظهر للوجود في الجزء الأخير من القرن التاسع عشرة، وبدأ في الانتشار ليحل محل لفظ المفسر أو المؤشر و الذي تضاءل استخدامه حتى انتهى تمامًا من الوجود (Gannon,1981).

و في عام 1964 و بالتحديد في الفترة من 14-17 يونيو، استضافت كلية المعلمين في بال استيت Ball State ورشة عمل حول مساعدي التواصل كما كان يطلق عليهم في ذلك الوقت، وذلك بولاية انديانا Indiana. و كان من نتائج هذه الورشة أن خرج للوجود منظمة جديدة تدعى دائرة أو مركز تسجيل مترجمي لغة الإشارة للصم، و كانت أهدافها كما يلي :

1-توظيف (تعيين) وتدريب (تأهيل) المزيد من المترجمين، والوصول بهم للمستوى التأهيلى المطلوب، ووضع قائمة بأسماء المترجمين المؤهلين .

2- تطوير ميثاق لأخلاقيات المهنة وعرضه وتقديمه في وقت لاحق .

3- وضع وتحديد شروط الحصول على العضوية وانتخاب المسؤولين بالمنظمة، وتم انتخاب أول رئيس لتلك المنظمة وهو كينيث هاف Kenneth Huff  ( Dirst et al.,1980)

وفي عام 1965 تم عقد ورشة عمل أخرى حول ترجمة لغة الإشارة في العاصمة واشنطن، وفيه تغير اسم الجمعية إلى ما يعرف اليوم بالمركز القومي لمترجمي لغة الإشارة The Registry Of Interpreters For The Deaf (RID) ، بالإضافة لوضع مسودة لتغيير و إضافة بعض البنود بالدستور والقوانين تهدف لتحديد حقوق الصم في المجتمع.

واستمرت مسيرة هذه الجمعية حتى عام 1972، عندما تم إعادة تعريف أهدافها كما يلي:

1- إعداد وتوزيع سجل بأسماء المترجمين المعتمدين للغة الإشارة للصم.

2- تأسيس ووضع معايير لشهادات المترجمين المؤهلين.

3- توظيف (تعيين) مترجمي لغة الإشارة المؤهلين.

4- العمل على تدريب وتطوير مترجمي لغة الإشارة المؤهلين.

5- إعداد مجموعة من المحاضرات والكتيبات تتعامل مع طرق ومشكلات الترجمة بلغة الإشارة (Dirst et al.,1980).

ومنذ العام 1975 وحتى 1980، بدأ نظام الشهادات المعتمدة في (RID) بالتوسع ليلاقي النمو المتزايد لهذه المهنة، كما أضافت أيضًا مؤهلاً آخر للترجمة للصم المكفوفين، والمواقف التعليمية، والفنون التي تعتمد على الكلام و الأداء معًا (Dirst et al.,1980).

وكان من نتاج ذلك أن أصبح هناك وفرة في مترجمي لغة الإشارة الأكفاء المعتمدين والذي انعكس بالتالي على تنامي رغبة الصم في البحث عن فرص متساوية مع نظرائهم السامعين في نواحي الحياة اليومية المختلفة (Wilcox&Wilcox,1985).

 

القوانين الدولية التي دعمت الترجمة بلغة الإشارة :

1- في عام 1965، أقر الكونجرس الأمريكي القانون العام رقم 333-89، والمعروف بقانون حق التأهيل، وذلك للترخيص باستخدام مترجمي لغة الإشارة ضمن خدمات التأهيل للأشخاص الصم، و كان هذا القانون أول تشريع للترجمة بلغة الإشارة ( Scheein,1981 ; Stewart&Schein,1998 ) .

2- في عام 1973 وبعد تأسيس المركز القومي لمترجمي لغة الإشارة (RID) بعشرة سنوات تقريبًا، ظهر تشريع آخر في القانون العام رقم 112-93 وهو قانون حق التأهيل والذي تضمن العنوان رقم (5) والمسمى (نص حقوق المعاقين), وقد سمح هذا القانون لذوي الإعاقة بالحق في التعليم وفرص العمل، وبالتالي السماح للصم بالاندماج في المجتمع الأمريكي لأقصى حد ممكن. وقد نص الجزء (504) على حق كل المعاقين في فرص العمل بالتساوي مع الأفراد العاديين، وقد وضح هذا الجزء الحاجة لمترجمي لغة الإشارة في كل المواقف لضمان حصول الأصم على المساواة في فرص العمل وضمان مستوى أدائه. وأصبح رسميًا أن كل جامعة أو مؤسسة تتلقى دعم فيدرالي ويلتحق بها طلبة صم أن توفر لهم مترجمي لغة الإشارة للأهداف التعليمية ( National Center for Law and the Deaf, 1981; Stewart et al., 1998 ) 

3- في عام 1975 صدر تشريع آخر وهو القانون رقم 142-94 والمعروف بحق التعليم للأفراد ذوي الإعاقة، هذا القانون والذي أصبح مفعلاً عام 1977 نص على حق كل الأفراد المعاقين في فرص التعليم بالتساوي مع الأفراد العاديين، وكنتيجة لهذا القانون، تم دمج التلاميذ الصم بشكل كبير في المدارس العادية؛ مما أدى لزيادة الطلب على مترجمي لغة الإشارة التربويين في كافة مراحل التعليم بدءًا من مرحلة ما قبل المدرسة و حتى المرحلة الثانوية (Stewart et al., 1998; Witter-Merither, 1980) .

4- أما بالنسبة لتوظيف الصم في الوظائف الفيدرالية ، فإن الجزء رقم 302 من قانون الخدمة المدنية لعام 1978 في القانون العام رقم 454-94 ، قد سمح لكل رئيس وكالة فيدرالية لتوظيف مترجمي لغة إشارة للموظفين الصم (Corthell&Hanson, 1980).

5- وفي عام 2008 تم الإعلان عن الاتفاقية الدولية لحقوق الأفراد المعاقين والتي تمت المصادقة عليها من قبل العديد من دول العالم، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، وجاء من أبرز موادها والمتعلقة بالترجمة بلغة الإشارة، مايلي: المادة رقم (9) والخاصة بإمكانية الوصول، في فقرتها رقم (2-هـ)، ونصها: "توفير أشكال من المساعدة البشرية بمن فيهم مترجمو لغة الإشارة لتيسير إمكانية الوصول إلى المباني والمرافق الأخرى المتاحة لعامة الجمهور"، والمادة رقم (21) والخاصة بحرية التعبير والحصول على المعلومات، في فقرتها رقم (هـ)، ونصها: "الاعتراف بلغات الإشارة وتشجيع استخدامها ونشرها"، والمادة رقم (24) والخاصة بالتعليم في فقرتها رقم (3-ب)، ونصها: "أهمية تيسير تعلم لغة الإشارة وتشجيع الهوية اللغوية والثقافية للصم" (الأمم المتحدة،2007).

بتاريخ: الإثنين 19-05-2014 02:27 صباحا  الزوار: 6718    التعليقات: 0



محرك البحث


بحث متقدم
المتواجدون حالياً
المتواجدون حالياً :2
عدد الزيارات : 5820535
عدد الزيارات اليوم : 2437