|
||||
تطبيق تجربة مدرسة الجميع أو المدرسة الشاملة في المملكة العربية السعودية - دكتورة فوزية أخضر
إن مدرسة المستقبل مفهوم جديد في مجال التربية والتعليم، جاء متزامناً مع حركة الإصلاح التربوي، التي ينادي بها المجتمع في ظل هذه الظروف التي نعيشها، ويحتوي هذا المفهوم على مترادفات عديدة مثل: المدرسة الجامعة، أو المدرسة الشاملة، أو مدرسة الاحتواء الشامل، أو التعليم المتعدد المستويات، ومعنى ذلك إلغاء جميع تلك التقسيمات التربوية المتعارف عليها تربوياً. سوف أبدأ موضوعي بسؤال وهو: كيف يمكن إصلاح التعليم؟ وما هو دور المجتمع بجميع مؤسساته في هذا الإصلاح؟ فلسفة هذه المدرسة هي:
(الموهوبون والمعوقون وغير المعوقين والمهنيون والفنيون والتربويون) فالجميع يتلقَّى تعليماً موحداً وشاملاً وحسب قدرات كل فرد في المجتمع، وقد تلقَّى عليه الصلاة والسلام هذا الأمر من خلال العتاب الإلهي الذي تلقَّاه في عبد الله ابن أمِّ مكتومً المعاق بصريا، وقد أكَّد هذا الأمر على أنَّ التعليم للجميع وليس لفئة معينة و قال تعالى: (عبس وتولَّى أن جاءه الأعمى وما يدريك لعَّله يزكَّى أو يذكَّر فتنفعه الذكرى) صدق الله العظيم. ومن أهم الأنشطة والمحاولات التي قامت بها الدول المتقدمة، في توحيد المسار التعليمي ومبدأ التربية للجميع كانت عبارة عن محاولات قامت بها منظمة اليونسكو، من خلال إعداد رزمة تدريب العاملين في قاعات الدراسة، وهذا ما ساعد على بلورة أفكار جديدة ومهَّد الطريق إلى مؤتمر سلامنكا العالمي، الذي عقد في أسبانيا عام 1994م وقد شارك فيه أكثر من 300 مشارك يمثلون 92 حكومة و25 منظمة دولية، وضمَّ مسؤوليِّ الأمم المتحدة وغيرها من أجل الإسهام في بلوغ هدف التربية للجميع، كحركة اجتماعية لتقف في مواجهة ممارسات السياسة العنصرية المتبعة آنذاك في دول الغرب وعٌقد هذا المؤتمر بمبادرة من الأمم لمتحدة والمنظمة الدولية للثقافة والعلوم والتربية (اليونسكو) والبنك العربي الدولي والمنظَّمات غير الحكومية، ونادى الجميع بأن التربية للجميع في مدرسة الجميع.. وما زلنا نحن في الدول العربية نفكر لماذا نحتاج إلى التربية الجامعة أو المدارس الشاملة؟ وهل يحتاج الطلبة من ذوي الإعاقة بعد ذلك إلى معلمين متخصصين وأسلوب تعليمي خاص أم يكفي معلم التعليم العام..! وما هي شروط معلم هذه المدارس وهل يمكن لمعلم التعليم العام أن يعلم هذه الفئات؟ وهل إذا ما تمَّ تطبيق هذا المفهوم وهل ستكون هناك آثار سلبية على هؤلاء الأطفال؟ وهل سيتقبل المجتمع هذا المفهوم الجديد عليه؟. السؤال الذي يجب وأن، يطرح نفسه هنا هو:هل لدينا رؤى واضحة؟ وخطط قوية شاملة لتحقيق تلك الرؤى؟، وهل نعلم من نحن وماذا نريد؟ وكيف سنبدأ؟ والى أين سنتجِّه وما هي أفضل الطرق لإصلاح التعليم؟. هذه هي الأسئلة التي يجب أن تطرح نفسها لإصلاح التعليم. لأن إصلاح التعليم وحده لا يكفي لنهضة المجتمع بل يجب أن يكون هناك إصلاح مجتمعي شامل في جميع المجالات وأن يكون الإصلاح كماً ونوعاً. فمدرسة المستقبل تحتاج إلى مجتمع المستقبل ليرتبط التعليم بالتنمية الشاملة والمجتمع المدرسي جزء من المجتمع الخارجي ولن ينتج الفرد ما لم يكن المجتمع المدرسي جاذباً له، وحيث إن المجتمع بحاجة إلى إنتاجية جميع الأفراد وليس جزء منهم لذا يجب الاهتمام بالجميع وليس بالجزء. ولكننا ومع مرور الأيام أغفلنا هذا المبدأ الإلهي العظيم، وتجاهلناه، وحاكينا الغرب في اتجاهاته السائدة آنذاك، وقسمنا التعليم إلى تخصصات علمية وأدبية وشرعية ومهنية وفنية وتقنية وحرفية وتعليم موهوبين ومعوقين وتعليم أكاديمي وتعليم موازِ، محاكاة للغرب الذي ما لبث وأن عرف إنه يسير في اتجاه تربوي خاطئ بتقسيم وتوزيع التربية إلى كل تلك التقسيمات والتخصصات المختلفة. أمَّا الغرب فقد أدرك سلبيات تلك التقسيمات وآثارها السيئة على التربية والتعليم، كما أدرك إيجابيات التعليم الموحَّد الشامل، وإنه هو الأفضل. وهكذا أصبح شعار المدرسة الجامعة أو مدرسة الجميع أو مدرسة الاحتواء الشامل يُشكِّلٌ هاجساً كبيراً لدى علماء التربية والتعليم والمختصين في الدول المتقدمة ، في حين كان الركود يخيِّمُ على تعليمنا العربي. تعريف مدرسة المستقبل المدرسة الشاملة أو المدرسة الجامعة أو مدرسة الاحتواء الشاملهي التي تضم جميع الأطفال بين جنباتها، وتحارب التمييز والعنصرية، وتعتبر أن التعليم حقُّ للجميع في مدرسة الاحتواء الشامل الذي يلبِّي جميع الاحتياجات التربوية الخاصة، أما كيف يمكن لهذه المدرسة استيعاب جميع الأطفال مع اختلاف قدراتهم؟ فيرى العالم (توري جنس)، وهو أحد كبار مسؤولي البرامج في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي: إن التربية التي تركز على التخصصات المختلفة تعتبر تربية عقيمة وغير ناجحة، لأنها تتم في أطار نظام موازي للنظام التعليمي العادي، ولا تُعتبر جزءُ من النظام التربوي الرسمي، كما أنها لا تجد الاهتمام الكافي، ولم تتحقق لها الموارد الأساسية الملائمة، مماَّ أدَّى إلى إن يصبح واحداً من كل خمسة أطفال في العالم يحتاج إلى تربية خاصة، مع ملاحظة أنه لا يقصد بمفهوم بالمدرسة الشاملة الدمج لأن الدمج له معنى آخر. ما هي فلسفة هذه المدرسة؟
إنَّ إصلاح التعليم وحده لا يكفي لنهضة المجتمع بل يجب أن يكون هناك إصلاح مجتمعي شامل في جميع المجالات وأن يكون الإصلاح كميّاً ونوعياً. فمدرسة المستقبل تحتاج إلى مجتمع المستقبل ليرتبط التعليم بالتنمية الشاملة ويكون المجتمع المدرسي جزء من المجتمع الخارجي، ولن ينتج الفرد ما لم يكن المجتمع المدرسي جاذب له وحيث إن المجتمع بحاجة إلى إنتاجية جميع الأفراد وليس جزء منهم فيجب أن يكون هناك تكامل وتعاون بين الجميع في التربية. وقد أصبح الجدل حول إصلاح التعليم وأنظمة المختلفة ليس جدلاً تربوياً فحسب، بل أصبح هناك جدلاً اجتماعياً وأخلاقياً وسياسياً، يدور حول أنظمة التعليم المنفصلة. السؤال الآن إذا قدَّرنا أن هناك جدلاً حول هذا النظام في الدول الغربية فهل لدينا في الدول العربية على الأقل هذا الجدل؟. بتاريخ: الإثنين 16-02-2015 07:06 صباحا الزوار: 3135 التعليقات: 0
|