اخر ألاخبار    الجمعية الخليجية للإعاقة تدعوكم لملتقها السنوي ٢٠٢١م       توصيات الملتقى العلمي التاسع عشر ( رياضة ذوي الاعاقة .. تحد وطموح )       اعضاء مجلس الادارة للسنتين 2019 - 2021 للجمعية الخليجية للاعاقة       خالد بن حمد ينيب وزير العمل لافتتاح الملتقى العلمي التاسع عشر لذوي العزيمة       الموقع الخاص للملتقى التاسع عشر       الدعوة لانعقاد الجمعية العمومية رقم 10 لسنة 2019م       الدعوة للملتقى التاسع عشر للجمعية الخليجية للاعاقة       كل عام وانتم بخير       الدورة الخاصة بأعداد إعلاميين في مجال ذوي الإعاقة       ملتقى بصلالة يستعرض مهارات التواصل الإعلامي مع ذوي الإعاقة البصرية والسمعية    
الموهوبون ذوو صعوبات التعلم

الموهوبون ذوو صعوبات التعلم

 

يجد العديد من المربين والباحثين وعلماء النفس صعوبة في تقبل واستيعاب هذا المفهوم على الأقل لما ينطوي عليه من تناقض يبدو غير منطقي، فقد استقر في وعي الباحثين، والمربين، وعلماء النفس، أن الموهوبين يحققون بالضرورة ودائماً درجات مرتفعة على اختبارات الذكاء، حيث يكون محك الموهبة هنا هو الذكاء أو القدرة العقلية العامة، كما أنهم يحققون درجات تحصيلية عالية تضعهم ضمن أعلى 5% من أقرانهم على الاختبارات التحصيلية والمجالات الأكاديمية عموماً.

اما الفئة التي تجمع بين الموهبة وصعوبة التعلم فهي تمثل مشكلة تجمع بين متناقضين ، وتتبلور في تحديد الموهوبين ذوى صعوبات التعلم تحديدا بالغ الصعوبة للخبراء ، والباحثين ، والممارسين ، والتربية الخاصة ، بسبب خاصية الاستبعاد المتبادلة للأنشطة المرتبطة بالخصائص السلوكية المميزة لوجهي محك التحديد :الموهبة من ناحية وصعوبات التعلم من ناحية اخرى على الرغم من وجود هذه الخصائص في نفس الوقت لذات الفرد.

فعندما بدأ التربويون لأول مرة وصف الطلبة الذين يظهرون دلائل تشير إلى تعرضهم لصعوبات التعلم والذين تبدو عليهم أيضاً علامات الموهبة، فإن الكثيرين قد اعتبروا ذلك نوعاً من التناقض. والنغمة التي كانت سائدة منذ أن قدم تيرمان Terman نتائج دراسات طولية ، هي أن الطلبة الموهوبين يسجلون درجات مرتفعة على اختبارات الذكاء ويؤدون بطريقة جيدة في المدرسة (الزيات، 2002).

ولقد أشار بعض الباحثين إلى أن صعوبات التعلم، بالنسبة لبعض الطلبة على الأقل، ربما ترتبط أساساً بالموهبة (West, 1991) وأن الطلبة الذين يواجهون صعوبات في التعلم قد يكونون موهوبين ويعانون في نفس الوقت من صعوبات التعلم لا يبدو غريباً أو حالة استكشافية، على الأقل من الناحية النظرية، وعلى الرغم من ذلك فإن عدداً من القضايا والموضوعات الجدلية الشائكة قد جعلت من فهم وتحديد هذه الحالة أمراً صعباً.

لقد دار الجدال حول ما يعنيه مصطلح “موهوب” ومصطلح “صعوبة التعلم”، فلم يواجه أي مصطلح مشكلات خاصة بالتعريف مثل مصطلحي “الموهبة” و “صعوبة التعلم” . وبالنسبة للطلبة الذين يجمعون بين الخاصيتين الاستثنائيتين، الموهبة وصعوبة التعلم، في وقت واحد، فإن التشريع الذي يعرف الطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة لم يتطرق إلى وصف هذه المجموعة بصفة خاصة. وعندما قام التربويون والباحثون بوصف هؤلاء الطلبة. واعتبارهم يمثلون مجموعة فريدة، تحدثوا بشكل عام حول الطلبة الذين يظهرون قوة في أحد المجالات وضعفاً في مجال آخر (Fall, & Nolan, 1993) او الذين يظهرون تبايناً بين الإمكانات والأداء. وحتى نصل إلى تعريف أكثر منهجية، فمن الضروري على الرغم من ذلك أن نعتمد على التعريفات المفضلة واسعة الانتشار لكل من الطلبة الموهوبين والطلبة الذين يعانون من صعوبات التعلم، والتي لا تتناسب دائماً مع وصف الطلبة الذين يظهرون خصائص كلتي المجموعتين معاً .

فقد قدم الخبراء العاملون في مجال الصعوبات العديد من التعريفات النظرية لصعوبات التعلم التي حاولت تفسير هذا المصطلح ( الخطيب و الحديدي، 1998) . وتدور هذه التعريفات حول الافتراض بان الفرد ذا الصعوبة التعلمية يتمتع عادة بمستوى ذكاء حول المتوسط او اعلى وتتوفر له فرص تعلم مناسبة ، وبيئة أسرية جيدة ، ولكنه رغم ذلك لا يستطيع اكتساب المهارات الدراسية، ولعل التعريف الذي قدمته اللجنة الاستشارية الوطنية للاطفال المعاقين (NACHC) التي أسستها دائرة التربية الامريكية بقيادة كيرك عام (1968) من خلال اصدارها لقانون رقم (94-142) عام 1975 Education For Handicapped Children ” ” تربية كل الأطفال المعاقين ” رقم 94142 لعام 1975 يلخص أهم الافكار والافتراضات التي تقوم عليها جميع التعريفات التي حاولت تفسير صعوبات التعلم ، وهذا التعريف ينص على أن صعوبة التعلم المحددة تعني اضطرابا في واحدة او اكثر من العمليات النفسية الاساسية الخاصة بالفهم او استخدام اللغة المكتوبة او المحكية ، التي قد تتجسد في قدرة غير مكتملة على الإصغاء أو التفكير أو التحدث أو القراءة أو الكتابة أو إنجاز حسابات رياضية ويشمل هذا المصطلح أحوالا كالإعاقات الإدراكية والإصابات الدماغية والقصور الوظيفي الدماغي الطفيف وصعوبات اللغة والحبسة الكلامية التطويرية (الوقفي ،2003) .

ولقد أتاحت معظم هذه التعريفات فرصة الجمع بين الموهبة وصعوبات التعلم، حيث لم تحدد حداً أعلى للذكاء العام أو القدرات الخاصة في واحدة أو أكثر من المجالات المختلفة. وعندما قدمت رابطة الأطفال والراشدين من ذوي صعوبات التعلم (1895) Association For Children and Adults with Learning Difficulties تعريفاً احتوى بشكل خاص على عبارة “الذكاء المتوسط والفائق” والذي يحدث بطريقة مصاحبة مع صعوبات التعلم، والذي فتح الباب بشكل أوسع للتعرف على الطلبة الموهوبين من ذوي صعوبات التعلم. وتحتوي بعض التعريفات النظرية على إشارة إلى التباين بين القدرة العقلية والتحصيل، وهما كمفهوم وممارسة يمثلان أهمية كبيرة في تحديد الكثير من الطلبة الموهوبين الذين يعانون في نفس الوقت من صعوبات التعلم، وذلك على الرغم من أن استخدام هذا التباين والاختلاف في تعريف صعوبات التعلم قد تعرض لكثير من الانتقادات.

ومن الجانب الأخر لم تسفر محاولات تعريف الموهبة في إطار نظري إلا عن القليل من النتائج. فعلى سبيل المثال، تم تعريف الموهبة على أنها درجة عالية من الذكاء العام ،أو درجة عالية من الاستعداد في مجال أكاديمي معين، والتفاعل بين القدرة العالية، والدافعية، والإبداع (Renzulli, 1986) . ومما زاد من صعوبة تعريف الموهبة انعدام الاتفاق حول ما يعنيه مفهوم الذكاء، مع ظهور العديد من المداخل الخاصة بالقياس النفسي والنمو ومعالجة المعلومات والتي قدمت وجهات نظر مختلفة (Sternberg, & Davidson, 1986) حيث حاولت بعض هذه التعريفات تكييف الطالب مع صعوبات التعلم أكثر من التعريفات الأخرى. فعلى سبيل المثال، فأن مفهوم جاردنر (Gardner, 1983) عن الذكاءات المتعددة يفترض إظهار الشخص قدرة عالية في أحد المجالات دون أن يصاحب ذلك بالضرورة قدرات عالية في كل المجالات الأخرى ، وبهذا قدم تفسيرا قويا لظاهرة صعوبات التعلم من خلال اقتراحه أن الأفراد يمتلكون ثمانية انواع من الذكاء او القدرات العقلية المتعددة والموزعة على أجزاء الدماغ المختلفة ، وإن هذه الذكاءات تنمو بشكل متفاوت من فرد لاخر ، وإن الصعوبة التعليمية تحدث عندما يصاب الجزء او الخلايا العصبية المسؤولة عن هذا الذكاء نتيجة إصابة معينة تحدث في مرحلة من مراحل حياة الفرد ، لأسباب قد تكون داخلية او خارجية ، بينما لا تتأثر الأجزاء الدماغية الأخرى ، مما ينتج عنه عجز او قصور في أداء ذلك الجزء من الدماغ فقط، والذي يظهر للمعلمين على شكل صعوبة تعليمية محددة في مهارة او قدرة معينة يكون ذلك الجزء مسؤولا عنها، وغالبا ما تكون الإصابة عند ذوي صعوبات التعلم في المناطق الدماغية المسؤولة عن القدرات اللفظية والرياضية، بينما تكون قدراتهم او ذكاءاتهم الاخرى سليمة وتعمل بكفاءة قد تكون مرتفعة ، ومن الممكن ان يصلوا من خلالها الى مراحل متقدمة في سلم الابداع والابتكار، كذلك لا يهمل جاردنر البيئة التعليمية التي يدرس فيها الطالب وانعكاسها على قدراته وتحصيله الاكاديمي، فالبيئات الصفية غير المثيرة، والأنشطة الصفية التي لا تتناسب مع مواهب واهتمامات هؤلاء الطلبة، ولا تلبي احتياجاتهم الفردية .

وقد تم تحديد معنى الموهبة على أساس تعدد المحكات المشار اليه في (الزيات ،2002) ويرى ان الطالب الموهوب يعتبر كذلك عندما يتوافر لديه أي شرط من الشروط الاتية :

أن يكون لديه نسبة ذكاء مقدارها 120 على الأقل وتم تحديده بأحد الاختبارات التي تقيس الذكاء .

 أن يكون لديه مستوى عال من الاستعدادات الخاصة مثل : الاستعداد العلمي او الفني او القيادة.

أن يكون لديه مستوى عال من القدرة على التفكير الإبداعي .

وتبنى قسم التربية بالولايات المتحدة ومعظم أنظمة التعليم النظرة المتعددة للموهبة، والتي قدمها مارلاند Marland عام 1972 والمشار إليه في جروان ( 2004) بوصف الطلبة الموهوبين على أنهم الطلبة الذين يظهرون تقدماً كبيراً أو إمكانية كبيرة في واحدة من المجالات الخمسة الآتية: القدرة العامة للذكاء، الاستعداد الأكاديمي الخاص، التفكير الإبداعي أو المنتج، القدرة على القيادة، الفنون البصرية والأدائيةً، و أشار أيضا إلى تعريف (Clark,1992) للطلبة الموهوبين على أنهم أولئك الذين يعطون دليلا على اقتدارهم على الاداء الرفيع في المجالات العقلية والإبداعية والفنية والقيادية والأكاديمية الخاصة , ويحتاجون خدمات وأنشطة لا تقدمها المدرسة عادة وذلك من أجل التطوير الكامل لمثل هذه الاستعدادات . وعلى الرغم من ذلك، فلم يستثن التعريف الفيدرالي للطفل الموهوب الطلبة الذين يعانون من صعوبات التعلم وذلك لأن هذه التعريفات:

(1) ذكرت أن الطفل ليس في حاجة إلى أن يكون شاذاً في أي شيء حتى نعتبره موهوباً .

(2) لم تضع حدوداً دنيا للأداء أو القدرة في أي من المجالات .

(3) اعترفت على وجه الخصوص بأن الطلبة يمكن أن يكونوا موهوبين حتى إذا لم يكن أداؤهم الحالي في مستوى مرتفع، وذلك طالما أنهم يمتلكون الإمكانات والاستعدادات.

وفي عام (1981) عقد مؤتمر في جامعة جون هوبكنز دعي إليه خبراء في كلا المجالين، صعوبات التعلم والموهبة، لدراسة هذا الموضوع. وفي ذلك الوقت كان الاهتمام بتلبية حاجات الطلبة الموهوبين ، وأيضاً الطلبة الذين يعانون من صعوبات التعلم بشكل واضح على عدة مستويات، لكن الطلبة الذين كانوا يجمعون بين خصائص كل من النوعين، الموهبة وصعوبة التعلم، لم يلقوا إلا اهتماماً ضئيلاً للغاية، وقد وافق المشاركون على أن الطلبة الموهوبين والذين يعانون في نفس الوقت من صعوبات التعلم يوجدون بالفعل، لكنهم في أغلب الأحيان لا يحصلون على الاهتمام الكافي عندما يتم تقييمهم من أجل التعرف على الموهوبين أو الذين يعانون من صعوبات التعلم. كما بذل المؤتمر جهداً كبيراً للتأكيد على أن الطلبة الموهوبين والذين يعانون في نفس الوقت من صعوبات التعلم لهم خصائصهم واحتياجاتهم الخاصة (Fox & Brody, 1993).

والواقع أن الكثيرين من الموهوبين ذوى صعوبات التعلم يفشلون في الوفاء بالمتطلبات الملائمة للتقويم المدرسي كما ينشده المدرسون ، بسبب اتجاه المدرسين الى الميل الى الحاق الطلاب العاديين ببرامج الموهوبين ، دون الطلاب ذوى صعوبات التعلم (Minner,1990). كما ان الطلاب الموهوبين ذوي صعوبات التعلم الذين يمكنهم تعويض هذه الصعوبات او التغلب عليها في بعض المواقف ، نادرا ما ينظر اليهم على انهم من ذوي الصعوبات ، ما لم تظهر بالنسبة لهم صعوبات ملموسة ، وهذا يجعلهم أكثر قابلية للاستبعاد. ومن جانب أخر فإن الموهوبين ذوى صعوبات التعلم، نادرا ما يحققون مستويات تحصيلية أو أكاديمية مرتفعة , ولذا فإنهم يظلون مستبعدين من عداد الموهوبين , وخاصة اذا كان محك التحديد والحكم هو التفوق التحصيلي .

 

ويمكن تعريف الطلبة الموهوبين الذين يعانون من صعوبات التعلم بأنهم الطلبة الذين يمتلكون موهبة أو ذكاء بارزاً والقادرون على الأداء المرتفع، لكنهم في نفس الوقت يواجهون صعوبات في التعلم تجعل من تحقيق بعض جوانب التحصيل الأكاديمي أمراً صعباً. بعض هؤلاء الطلبة الموهوبين يتم تحديدهم وتلبية حاجاتهم الخاصة. وهذا يحدث نادراً على الرغم من ذلك، إذا لم تقرر المدرسة تحديد هؤلاء الطلبة ثم تقديم الخدمات اللازمة لهم بعد ذلك. إن غالبية الطلبة الموهوبين من ذوي صعوبات التعلم تم تصنيفهم إلى ثلاث مجموعات فرعية من الطلبة الذين يجمعون بين كل من الموهبة وصعوبات التعلم لم يتم بعد التعرف عليهم

المجموعة الأولى : تضم الطلبة الذين تم تحديدهم على أنهم موهوبون والذين يظهرون في نفس الوقت صعوبات في التعلم. هؤلاء الطلبة يعتبرون غالباً من المنجزين المقصرين أي الطلبة الذين يقل تحصيلهم عن إمكانياتهم واستعداداتهم، وربما ينسب هذا العجز في التحصيل إلى ضعف مفهوم الذات، نقص الدافعية، أو حتى النقص في بعض خصائص الجاذبية، أو الكسل (Silverman, 1989). ولا يتم عادة ملاحظة صعوبات التعلم التي يعاني منها هؤلاء الطلبة على مدار حياتهم التعليمية تقريباً. وعندما تزداد تحديات المدرسة، تزداد الصعوبات الأكاديمية التي يواجهونها .

المجموعة الثانية : تضم الطلبة الذين تزداد عندهم حدة صعوبات التعلم إلى الدرجة التي يتم عندها تحديدهم على أنهم يعانون من صعوبات التعلم، لكن لم يسبق أبداً التعرف على قدراتهم الاستثنائية أو توجيهها. وكان من المفترض أن هذه المجموعة ربما تكون كبيرة، أكبر مما يعتقد الكثير من الناس. إن بقاء إمكاناتهم مغمورة وغير معروفة لا يرجع إلى البرنامج التعليمي. وبسبب هذا التقييم المنخفض أو التحديد غير المرن ورؤية التوقعات التحصيلية في “برنامج الموهوبين” فمن النادر الإشارة إليهم على أنهم موهوبون وتقدم الخدمات لهم على هذا الأساس (Baum,1984).

المجموعة الثالثة : هي أكبر المجموعات المحرومة من الخدمة لأنها مجموعة الطلبة الذين تحجب قدراتهم ومواطن عجزهم بعضها بعضا، هؤلاء الطلبة يجلسون في حجرات الدراسة العامة، يحرمون من الخدمات التي تقدم للطلبة الموهوبين الذين يعانون من صعوبات التعلم، وينظر إليهم على أنهم يمتلكون مستوى متوسط من القدرات. ولأن هؤلاء الطلبة ينقلون من صف إلى آخر فلا ينظر إليهم على أنهم يواجهون مشكلات معينة أو لديهم حاجات خاصة، كما أنهم لا يحتلون أولوية بالنسبة للمدارس فيما يتعلق بالميزانية والإنفاق. وعلى الرغم من أن هؤلاء الطلبة يبدون وكأنهم يؤدون بطريقة جيدة، إلا أنهم يؤدون بأقل مما تسمح به إمكاناتهم واستعداداتهم. وبسبب ازدياد متطلبات العمل المدرسي في الأعوام الأخيرة، وعدم حصولهم على المساعدة التي يحتاجونها لمعادلة القصور الذي يعانون منه، تزداد عادة “الصعوبات الأكاديمية” التي تواجههم إلى الدرجة التي يشتبه عندها بحدوث العجز التعليمي، لكن نادراً ما يتم التعرف على إمكاناتهم واستعداداتهم الحقيقية .

لقد اعتمدت محاولات وصف الطلبة من ذوي صعوبات التعلم والذين يمتلكون في نفس الوقت خصائص الموهبة ، بأنهم يمكن أن يظهروا قدره عالية في القيادة أو الفنون لكن ليس في المجالات الأكاديمية، ويطلق عليهم موهوبين وتقدم لهم الخدمات اللازمة. وإذا كان الطالب يعاني من صعوبات التعلم، فمن الممكن اعتباره موهوباً ويعاني في نفس الوقت من صعوبات التعلم. إن فكرة امتلاك الطالب قدرات وحاجات مختلفة في الفن مثلا أكثر من امتلاكه لتلك القدرات والحاجات في الحساب لم تعد صعبة على القبول والفهم بالنسبة للكثير من الناس (Baum,1984).

ومن ابرز الخصائص التي تميز هذه الفئة من الطلاب ما يلي :

يبدون قدرات ابتكارية، وأنشطة عقلية متمايزة، وبعض جوانب القوة، مما يشير إلى امتلاكهم بعض جوانب التفوق العقلي أو المواهب.

يبدون الكثير من مظاهر الوعي بأنماط الصعوبات لديهم، والمشكلات المترتبة عليها، والتي تؤثر سلباً على مستواهم الأكاديمي، وينزعون إلى تعميم شعورهم بالفشل الأكاديمي في مختلف المجالات، مما يولد لديهم شعورا عاما بضعف الكفاءة الذاتية الأكاديمية.

يملكون مواهب أو إمكانات عقلية غير عادية بارزة، تمكنهم من تحقيق مستويات أداء أكاديمية عالية ، لكنهم يعانون من صعوبات نوعية في التعلم، تجعل بعض مظاهر التحصيل أو الإنجاز الأكاديمي صعبة، وأداؤهم فيها منخفض انخفاضاً ملموساً .

لقد توصلت بوم ( Baum, 1985) إلى أن 33% من الطلاب ذوي صعوبات التعلم لديهم قدرات عقلية عالية، تؤهلهم للتفوق، وأن التقدير أو التقويم غير الملائم لقدراتهم، أو تطبيق اختبارات الذكاء أو القدرات العقلية المحبطة تقود إلى تقدير إمكانات وقدرات هؤلاء الطلاب بأقل مما هي عليه في الواقع، ويظل هؤلاء الطلاب في عداد ذوي صعوبات التعلم، ويعاملون في هذا الإطار، وتدريجياً تخبو لديهم جوانب التفوق، ويتقلص إحساسهم بذلك، ويصبحون أسرى لهذا التقويم القاصر أو غير الملائم .ويقدر أن أكثر من 12% من مجتمع ذوي صعوبات التعلم هم من الموهوبين .

إن الموهوبين ذوي صعوبات التعلم غير المرئية موجودون في المجتمع الطلابي، أكبر من أي فئة أخرى من فئات غير العاديين، حيث تصل نسبة من اختبر منهم في المركز النمائي للموهوبين إلى السدس(16) أي16% من مجتمع الموهوبين الذين لديهم صعوبات تعلم لم تكتشف عند الاختبار أو القياس . والأطفال الموهوبون ذوو صعوبات التعلم، هم غالباً متعلمون بصريون مكانيون، يحتاجون إلى طرق وأساليب تدريسية مختلفة(الزيات ،2002) .

وحيث تتبادل جوانب الموهبة وأنماط صعوبات التعلم , تقنيع أو طمس كل منهما الأخرى ، ويصبح هولاء خارج نطاق الإفادة من الخدمات التربوية والإرشادية التي تقدم لكل منهم. وحيث ان المدرسين يعتقدون ان الموهوبين يحققون انجازات أكاديمية أو تفوق تحصيلي في جميع مجالات التحصيل , وأن الطلاب ذوي صعوبات التعلم يغلب عليهم أن يكونوا من ذوي الذكاء المتوسط او العادي ، فإن التعرف على هذه الفئة من الطلاب في ظل هذا التهيؤ العقلي للمدرسيين يصبح مشكلة تربوية.

كما يرى سوتر وولف ( Suter & Wolf, 1987 ) أن المشكلة الرئيسة التي تواجه الموهوبين ذوي صعوبات التعلم، هي مشكلة التعرف عليهم داخل كل من مجتمع الموهوبين ومجتمع ذوي صعوبات التعلم وحتى داخل مجتمع العاديين حيث تتبادل جوانب الموهبة وأنماط صعوبات التعلم تقنيع أو طمس كل منها الأخرى، ويصبح هؤلاء خارج نطاق الإفادة من الخدمات التربوية والإرشادية التي تقدم لكل منهم .ولكن لابد من أخذ في الاعتبار عند تحديد الموهوبين ذوي صعوبات التعلم :

(1) دليل على وجود قدرة أو ذكاء بارز .

(2) دليل على وجود تباين بين التحصيل المتوقع والتحصيل الفعلي .

(3) دليل على وجود خلل أو قصور .

إن المسح الذي يستهدف تحديد صعوبات التعلم يتطلب أدلة على وجود تحصيل دون مستوى الاستعداد أو القدرة. والطلبة الموهوبون والقادرون على تعويض مشكلات التعلم التي تواجههم نادراً ما يلفتون الأنظار إلا إذا أظهروا مشكلات سلوكية، وفي نفس الوقت، لا تتم الإشارة إلى الطلبة الذين يواجهون صعوبات التعلم على أنهم موهوبون، وذلك لأنهم نادراً ما يظهرون تحصيلاً مرتفعاً بشكل دائم. وعلى الرغم من أن القليل منهم يتأهلون للحصول على خدمات تربوية خاصة بسبب حدة صعوبات ومشكلات التعلم التي تواجههم، والبعض الآخر منهم سوف يتأهلون للحصول على خدمات الموهوبين بسبب نوع أو مستوى ذكائهم ، فإن معظم الطلبة الموهوبين الذين يعانون من صعوبات التعلم نادراً ما يتم تأهيلهم للحصول على خدمات متعددة تجمع بين أكثر من وجهة. وقد وُجد ان المدرسين اقل ميلا لالحاق الطلاب ذوي صعوبات التعلم الموهوبون ببرامج رعاية الموهوبين، حيث يتسامح المدرسون مع الموهوبين ذوي الإعاقات الجسمية لكنهم لايتسامحون او يتعاطفون مع الموهوبين ذوي صعوبات التعلم ( Minner,1990).

وعلى الرغم من ذلك، فإن قبول فكرة أن كلاً من موهبة الطالب وصعوبات تعلمه يكمنان في مجالات أكاديمية متصلة ببعضها بعضا، مثل الطالب الذي يرتفع مستوى القراءة لديه على مستوى الصف المقيد فيه ولكنه يواجه أيضا مشكلات كبيرة في التهجئة والكتابة، لا تزال تمثل إشكالية كبيرة بالنسبة لغالبية الناس. كما أن المضامين الخاصة بالبرامج الموجهة لكلا النوعين من الطلاب لا تزال مختلفة إلى حد بعيد وعلى الرغم من أن الطلاب الذين تكمن جوانب قوتهم وجوانب ضعفهم في مجالات منفصلة ربما يكونون من الموهوبين الذين يعانون في نفس الوقت من صعوبات التعلم، إلا أن الطلاب الذين تتداخل مواهبهم مع صعوبات تعلمهم بحيث يكمنان معاً في المجالات الأكاديمية هم أكثر الطلاب عرضة لسوء الفهم، وعدم الاهتمام، وعدم تقديم الخدمات الخاصة لهم .

ويمثل الطلاب الموهوبون ذوو صعوبات التعلم مجموعة مهمة من الطلاب الذين لا يجدون أي نوع من الرعاية أو التقدير، أو الخدمات النفسية والتربوية الملائمة فالتركيز على ما لديهم من صعوبات تستبعد الاهتمام بالتعرف على قدراتهم المعرفية غير العادية وتجاهلها. وعلى ذلك فمن غير المتوقع أن نجد إنحرافاً بين الإمكانات الأكاديمية لهؤلاء الطلاب وآدائهم الفعلي داخل الفصول المدرسية (Whitmore & Maker, 1985). كما أن بعض الطلاب ذوي صعوبات التعلم يمكنهم استخدام مستوى عالٍ من المفردات اللغوية، أو الوحدات المعرفية شفهياً، أو خلال الحديث، لكنهم يفتقرون إلى التعبير عن ذواتهم من خلال الكتابة.

إن هؤلاء الطلاب غالباً ما يستخدمون موهبتهم في محاولة إخفاء أو تقنيع الصعوبات لديهم، وهذه تسبب طمس كل من وجهي الحالة الاستثنائية – الموهبة، والصعوبة- بحيث لا يتاح لأي منهما التعبير عن نفسها من خلال مختلف صور التعبير. فتبدو الصعوبة أقل ظهوراً بسبب تكيّف الطالب عقلياً معها، أو استخدام الطالب لذكائه في تهذيب ظهور صور أو مظاهر الصعوبة وإخفاء مظاهر أو صور التعبير عن الموهبة. إن الموهوب ذا الصعوبة يكافح للوصول إلى متوسط أقرانه حتى يستبعد من فئة الموهوبين و ذوي صعوبات التعلم، بسبب عدم انطباق محددات الموهبة من ناحية، وصعوبات التعلم من ناحية أخرى عليه.

إن الطالب الذي يوصف بأنه موهوب يعاني من صعوبات تعلم غالباً ما يكون لديه تقدير للذات ودافعية منخفضة. وعلى الرغم من أن التفكير الإبداعي، والذي يمثل أهمية رئيسة لحل المشكلات المعقدة، يحسن من مشاعر تقدير الذات، إلا أن الأبحاث التي تتناول خصائص التفكير الإبداعي لدى الطلبة الموهوبين والذين يعانون من صعوبات تعلم نادرة للغاية(Rawson, 1992, ).

إن الاهتمام بجوانب القوة في التفكير الإبداعي يكمل المدخل متعدد الحواس، ويحسن من الدافعية ومفهوم الطالب عن ذاته، كما يسرع من عملية العلاج وذلك بسبب التأكيد على تكامل الوظائف العقلية. إن المعلمين يعجبون في الغالب بقدرة الطلبة اللامعين والذين يعانون من صعوبات تعلم على التفكير بطريقة مبدعة وأصيلة، وعلى حبك الخطوط العريضة لإحدى القصص، وعلى التعبير عن مشاعرهم من خلال الرسم، وعلى المبادرة بتغيير وضعهم ومسارهم، وعلى فهم صعوبات تعلمهم. ولقد وجد أن الطلبة الموهوبين ذوي صعوبات تعلم أقوى من الطلبة ذوي صعوبات التعلم في الإحساس الخارجي، لكنهم كانوا أضعف بكثير من الطلبة الموهوبين في هذا الجانب .

ويحتاج الطلبة الموهوبون الذين يعانون من صعوبات التعلم إثراء قدراتهم من خلال منهج مختصر يركز على الاشياء المهمة لحل مشكلات الحياة الحقيقية واستغلال خيالهم، ويجب النظر الى الامر من خلال ان هؤلاء الطلبة يوجد فرق بينهم وبين غيرهم في محصلة نطاقات ذكاءاتهم المتعددة وهي التي جعلت هناك فرقا بينهم وبين غيرهم ، وبالتالي فان مساعدتهم من أجل تنمية قدراتهم الإبداعية والأنواع المختلفة من الذكاءات المتعددة تجعلهم يصلون ليكونوا مثل غيرهم ، بل وقد يكونون أفضل في المستقبل ( Armstrong ,1987 ) ومن الأمثلة على ذلك أن عددا من العلماء والمشاهير الذين كانوا يعانون من صعوبات تعليمية ، أبدعوا في مجالات متعددة عكست قدرات عالية من الابداع والتفوق مثل : أديسون مخترع المصباح الكهربائي والميكروفون والفونوغراف ، واينشتاين صاحب النظرية النسبية في الرياضيات ، ودافنشي الفنان ، وولت ديزني مخترع العاب ديزني، وكوشنج جراح الدماغ الامريكي ، وجراهام بيل مخترع الهاتف ، وغيرهم من المشاهير والعلماء ( الوقفي ،2003) .

وأشار أرمسترونج (1987 Armstrong ,) الى وجود مواهب وقدرات ابداعية متعددة لدى الطلبة ذوي صعوبات التعلم تمثلت في الرسم والموسيقى والرياضة والرقص وفي المهارات والقدرات الميكانيكية وفي مجال برمجة الحاسبات الالية ، كذلك اظهروا قدرة إبداعية في مجالات ليست تقليدية ، الأمر الذي جعله يدعو الى ضرورة إعطاء هؤلاء الأفراد رعاية وعناية خاصة تناسب هذه القدرات وبالتالي توفير نطاق اوسع للتعامل معهم وذلك من خلال مدى واسع من الأساليب والاستراتيجيات المتبعة في تعليمهم وتقييمهم .

والواقع أن نظامنا التعليمي بإيقاعه الحالي، والمدخلات التي يقوم عليها واعتماده المتفرد على نمذجة وتنميط الأسئلة وإجاباتها، وأخذه التحصيل الأكاديمي كمعيار وحيد ونهائي في الحكم على مدى تفوق الطالب وتميزه، من خلال اختبارات تقف عند أدنى المستويات المعرفية ، قد أسهم في طمس كافة جوانب النشاط العقلي، وإغفال استثارتها، مما ترتب عليه شيوع وانتشار نسبة عالية من الطلبة الموهوبين ذوي صعوبات التعلم داخل فصولنا المدرسية , دون الالتفات إليهم وتقديم أي رعاية واهتمام يراعى حالتهم الاستثنائية .

د. فتحي جروان و د. زين العبادي

المراجع

 

بتاريخ: الثلاثاء 20-01-2015 06:30 مساء  الزوار: 3006    التعليقات: 0



محرك البحث


بحث متقدم
المتواجدون حالياً
المتواجدون حالياً :2
عدد الزيارات : 5821594
عدد الزيارات اليوم : 3496