اخر ألاخبار    الجمعية الخليجية للإعاقة تدعوكم لملتقها السنوي ٢٠٢١م       توصيات الملتقى العلمي التاسع عشر ( رياضة ذوي الاعاقة .. تحد وطموح )       اعضاء مجلس الادارة للسنتين 2019 - 2021 للجمعية الخليجية للاعاقة       خالد بن حمد ينيب وزير العمل لافتتاح الملتقى العلمي التاسع عشر لذوي العزيمة       الموقع الخاص للملتقى التاسع عشر       الدعوة لانعقاد الجمعية العمومية رقم 10 لسنة 2019م       الدعوة للملتقى التاسع عشر للجمعية الخليجية للاعاقة       كل عام وانتم بخير       الدورة الخاصة بأعداد إعلاميين في مجال ذوي الإعاقة       ملتقى بصلالة يستعرض مهارات التواصل الإعلامي مع ذوي الإعاقة البصرية والسمعية    
زواج ذوي الإعاقة - الآراء والتشريعات

زواج ذوي الإعاقة - الآراء والتشريعات

 

الزواج شرعه الله سبحانه وتعالى لبقاء النسل، ولاستمرار الخلافة في الأرض كما قال الله تعالى: (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة)، والخليفة هنا هم الإنس الذين يخلف بعضهم بعضا في عمارة هذه الأرض وسكناها بدليل قوله تعالى بعد ذلك (أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك) وقال تعالى أيضا : (وهو الذي جعلكم خلائف في الأرض ) ولا يمكن أن نكون خلائف في الأرض إلا بنسل مستمر، وليس كل نسل مرادا لله سبحانه وتعالى ولكن الرب يريد نسلا طاهرا نظيفا، ولا يتحقق ذلك إلا بالزواج المشروع وفق حدود الله وهداه.

ولما كان الإسلام دين الفطرة، ودين الله الذي أراد عمارة الأرض على هذا النحو فإن الإسلام قد جاء بتحريم التبتل والحث على الزواج لكل قادر عليه ويدل على هذا حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: "رد رسول الله صلى الله عليه وسلم على عثمان بن مظعون التبتل ولو آذن له لاختصينا" ، والتبتل هو الانقطاع عن الزواج عبادة وتدينا وتقربا إلى الله سبحانه وتعالى بالصبر على ذلك والبعد عما في الزواج من متعة وأشغال ابتغاء رضوان الله سبحانه وتعالى، ومعنى هذا أن هذه العبادة غير مشروعة في الإسلام. بل قد جاء حديث آخر يبين أنها مخالفة لسنة الإسلام وهديه وهو الحديث الآتي:

وقد جاءت الأحاديث التي تحث على الزواج وتبين أن الزواج عون على طاعة الله ومرضاته من ذلك:حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" [رواه الجماعة].

وفي هذا الحديث ما يدل على أن الزواج معين على العفة وصون الجوارح عن زنا الفرج كما في الحديث: "إن العين تزني وزناها النظر، وإن اليد تزني وزناها البطش، وإن الأذن تزني وزناها السمع، وإن الفرج يصدق هذا أو يكذبه"، وإعفاف النفس وصونها عن كل ذلك من أفضل ما تقرب به المتقربون إلى ربهم سبحانه وتعالى كما لا يخفى ما في ترك الزواج من الآثار السيئة النفسية المدمرة على كل من الرجل والمرأة وهو ما عبر عنه القرآن بالعنت حيث قال تعالى في شأن إباحة الزواج من الإماء: (ذلك لمن خشي العنت منكم)، وهو الإرهاق النفسي الذي يصاحب الكبت الجنسي.

ويجوز تزويج المعاق مهما كانت إعاقته وذلك لدفع ضرر الشهوة عنه أو عنها ، وصيانته عن الفجور ، وتحصيل الرعاية والخدمة ، وغير ذلك من الأغراض المباحة ، لكن إذا كان المعاق غير عاقل، فليس له أن يعقد النكاح بنفسه ، بل يزوجه وليه ، وأما المرأة فلا تزوج نفسها ولو كانت عاقلة ، بل يزوجها وليها .

وأما المعاق الذي يعقل ، أو يفيق أحيانا ، فإنه لا يجبره أحد على الزواج ، بل يزوج نفسه .

ويشترط لهذا النكاح ـ إضافة لشروط النكاح المعروفة ـ أمران :

الأول : إخبار الطرف الآخر بالإعاقة ، لأنها عيب فلا يجوز كتمانه .

الثاني : أن يكون المعاق مأمونا لا يعرف بالعدوانية والإفساد ؛ لدفع الضرر عن الطرف الآخر .

 

تحتل قضية زواج المعاقين حيزا مهما في حياة الأشخاص ذوي الإعاقة وحقهم في الحياة الكريمة التي كفلتها لهم معظم التشريعات والقوانين المعمول بها في البلدان المختلفة، والحق في تكوين أسرة وإنجاب الأطفال هي من جملة هذه الحقوق وهي من القضايا المهمة التي فرضت نفسها في أجندة عمل المهتمين بهذه الفئة من أفراد المجتمع في الآونة الأخيرة مع تطور الوعي بأهمية تحسين نوعية الحياة لهذه الفئة من أفراد المجتمع.

والإعاقة أنواع ودرجات مختلفة فهناك الإعاقة الجسدية أو الحركية وهناك الإعاقة السمعية والإعاقة البصرية والإعاقة العقلية والإعاقة الكلامية واللغوية، يضاف إلى ذلك إعاقات أخرى مثل اضطراب التوحد والإعاقات المتعددة.

 ويرى الكثير من أولياء الأمور ومن العاملين في مجال الإعاقة والمهتمين في هذا الشأن أن في زواج الأشخاص ذوي الإعاقة تحقيق الكثير من المنافع والمصالح المهمة ولعل من أهمها إيجاد معين للشخص المعاق يرعاه ويعتني به ويساعده في تدبر أمور حياته اليومية.

فالزواج حق لكل إنسان لدية الرغبة في تكوين أسرة سواء كانت الرغبة من قبل الشاب أو الفتاة من دون تفريق بين الانسان السوي والمعاق مادامت الاستطاعة حاصلة والقدرة حاضرة إلا أن هناك اصواتا ترفض فكرة زواج المعاقين سواء من قبل أسرة المعاق أو من قبل المعاق نفسه أو من المجتمع هذه الأصوات تصعب من زواج المعاقين وتحسمها مسبقا بأنها تجربة فاشلة ,والبعض الأخر ينظر الى أن الزواج ضرورة ملحة لكل شاب من ذوي الإعاقة يقترن بفتاة مثله أو فتاة سليمة ليتغلب على هموم الإعاقة ويتجاوز مرحلة الانطواء حتى يحقق التوازن النفسي والاكتفاء الاجتماعي.

 

 فتوجيه الأسرة وتزويدها بالمعلومات المتعلقة بهذا الموضوع يفيدها في التعامل مع هذه القضية بشكل ايجابي من حيث:

1-ضرورة تغيير نظرة المجتمع نحو الأشخاص المعاقين والتأكيد على أن كثيرا من حالات الإعاقة تعود الى أمراض طارئة وليست وراثية .

2-إجراء الفحص الطبي للزواج سواء للأشخاص المعاقين أو غيرهم مما يساعد في تحديد مسببات الإعاقة ان وجدت,وهذا الإجراء يسهم في خلق أجواء ايجابية عند الطرفين الراغبين في الزواج.

3-تحسين نظرة المعاق نحو ذاته بحيث لا يكون منكسرا أو أنه يشعر بالنقص وعلى الأسرة في هذا السياق أن تشجع ابنها الذي يعاني من الإعاقة على الحياة الطبيعية والزواج وتكوين أسرة.

4-بغض النظر عن الإعاقة هناك مقومات عديدة يجب أن تتوفر للفرد لكي يصبح عضو فعالا في مجتمعه ,ومن ضمن هذه المقومات :ثقافة الإنسان ومستواه التعليمي وهواياته ومواهبه وقدراته الأخرى

5-أن يتفهم المجتمع حقوق المعاقين وأن يمنحهم الحق في تقرير المصير في مختلف جوانب الحياة كالزواج والتعليم والرياضة والعمل .

وقد وضعت شروط لزواج ذوي الإعاقة:

1- تقرير طبي يثبت قدرة المعاق على الزواج ومتطلباته

2- إثبات أن في الزواج مصلحة له كصيانته من الشذوذ والضياع

3- توفير وظيفه للمعاق او دخل شهري ثابت

4- اطلاع الطرف الاخر على حالة المعاق وقدراته المختلفة

5- ضرورة إجراء فحوصات طبية للاطمئنان على سلامة الإنجاب

6- الحذر من زواج المعاق الذي يتصف بالعدوانية والسلوكيات الغريبة

7- الأخذ بعين الاعتبار طبيعة الإعاقة

 

 

كما وضع تصنيف للإعاقات المسموح لها بالزواج:

•         إعاقة بصرية

•         إعاقة سمعية

•         إعاقة نطقيه ومشاكل اللغة

•         اعاقه حركية غير الشلل الذي يؤثر على الأعضاء التناسلية

•         متلازمة داون

•         الإعاقة العقلية بدرجة بسيطة الى متوسطة

•         الإعاقة الانفعالية( الا في الحالات الشديدة )

عوائق زواج ذوي الإعاقة:

 

1-نظرة المجتمع للمعاق وتفكيره في أنه غير منتج وغير صالح للمجتمع والخوف من فشل زواج المعاق ونظرة ازدراء ونقص .

2- البحث عن زوجة أو زوج يقبل بالزواج من معاق .

3-المشاكل المادية عند الشخص المعاق مثل غلاء المهور.

4-عدم تكييف أو القدرة على تكيف الزوج أو الزوجة بالحياة مع المعاق.

5- الاستغلال المادي من قبل بعض الأسر بعد التقدم للزواج .

مشكلة زواج ذوي الإعاقة

 

الزواج من الموضوعات الحرجة والشائكة للمعوقين من الجنسين, فالرجل المعوق يواجه أكثر من مشكلة منها عدم إقبال الأسر على ارتباط أبنتهم بشخص من المعوقين رغم عدم وجود أية عوائق حقيقة تمنع هذا الشخص من الزواج ويكون هذا من أجل رفض الشكل العام للمعوق لأنه يمشي على كرسي متحرك أو يتحرك بعكازين ... وغير ذلك .

ومن المشاكل الأخرى غلو بعض الأسر في قيمة المهر المطلوب بدعوى ضمان حقوق ابنتهم إن لم يستمر هذه الزواج في المستقبل ، بالإضافة على متطلبات الزواج الأخرى مما يضع المعوق دائما في حرج وخاصة أن راتب معظم الوظائف المتاحة للكثير من المعوقين ليس كبيراً.                                         

أيضاً عدم إقبال الفتيات على الارتباط بشخص معوق رغم انه يمكن أن يكون أفضل بكثير من أشخاص عاديين أخلاقيا ونفسياً .

أما بالنسبة للفتيات المعوقات فالمشكلة اكبر حيث لا يقبل دائماً – إلا فيما ندر- الشباب من الارتباط من فتاة معوقة رغم عدم وجود ما يمنع زواجها من حيث القدرة على الإنجاب أو القيام بمسئولياتها الأسرية من رعاية المنزل وتربية الأطفال بمساعدة خادمة البيت بالطبع.

 

ورغم ذلك يفضل الشباب الزواج بفتاة عادية تحقيقاً لأحلامه الشخصية في الارتباط بفتاة ذات مواصفات جيدة وهي أحلام مشروعة ولكن ذلك لا يمنع أبداً من التوجه والتفكير في الارتباط بفتاة معاقة فربما تكون أصلح وأفضل كزوجة وأم من فتاة عادية .

 

 

تاثير حرمان المعاق من الزواج:

• الكبت : عدم الزواج يؤدي بصاحب التحدي الخاص أي يؤدي بالمعاق الى كبت عاطفته و حاجاته الشخصية و هذا الكبت كما هو معروف يؤدي الى عقد نفسية يترتب عليها أنماط سلوكية شاذة حيث قد يتحول الشخص الى شخص سلبي غير متفاعل مع مجتمعه كاره و حاقد مفهومه الذاتي متدني .

• التسامي : تتحول الطاقات العاطفية و الاحتياجات الجسدية الغريزية التي تخلق مع كل إنسان الى طاقات إبداعية مهنية و علميه .. الخ , فإصرارهم على التسامي عن احتياجاتهم و نقصهم يجعلهم مبدعين .

• التعويض : يكون عن طريق تكوين علاقات اجتماعية متشعبة و كثيرة يترتب عليها التزامات و واجبات تشغل تفكيرهم و عقلهم و فراغهم العاطفي .

 

دور المجتمع

•  توفير كافة الخدمات من علاج و مسكن و غيره .

• توفير دخل مناسب لغير القادرين عن العمل , و تمكين القادرين من ايجاد فرص للعمل .

•  تسخير الإعلام لمحاولة توفير بيئة مجتمعية ملائمة تحيط بعملية الزواج و تثقيف المجتمع حتى يتقبل هذا النوع من الزواج و يسانده .

• انشاء أماكن مهيئة للدورات التثقيفية للمعاقين الراغبين في الزواج .

• تهيئة المجتمع و المرافق العامة بما يتلاءم مع قدرة المعاقين و محاولة تسهيل أمورهم الحياتية لهم .

 

 

القوانين والتشريعات



من أحدث التشريعات العالمية التي تتعلق بزواج المعوقين : ما قررته سلطات أقليم " لياونينج الواقع في شمال الصين" ، حيث قرروا حظر زواج المعوقين وخاصة الذي يعانون من أمراض تناسلية وعقلية.

 وقد حددت السلطات من خلال هذه القوانين واللوائح الجديدة المشددة من له حق الزواج ومن بمقدوره الإنجاب , كما تقتضي هذه القوانين أيضاً بوضع المريض الذي يتماثل من الإصابة بأي من الأمراض العقلية تحت المراقبة لمدة عامين يمنح بعدها تصريح هذا الزواج .

 

وأما أحكام و قوانين " إسبارطة" التي كانت تطلب الاهتمام بصحة من يريدون أن يتزوجوهم ويمنعوا زواج المعوق الضعيف بحيث فرضوا غرامة على ملكهم " أركداموس" لأنه تزوج بامرأة ضئيلة الجسم .

أما التشريعات الدولية الخاصة بالمعوقين الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة نجدها خالية من نص خاص يتعلق بزواج المعوق, غير ان ثمة مواد وردت في هذه الإعلانات تشير على وجوب تمتع المعوق بما يتمتع به من هو في سنه من غير المعوقين مما يعني ان للمعوق أن يتمتع بحق الزواج وتكوين الأسرة مثله في ذلك مثل الآخرين .

ما جاء في الفقرة الأولى من الإعلان الخاص بحقوق المتخلفين عقلياً حيث نصت على أن  للمتخلف عقلياً إلى أقصى حد ممكن نفس ما لسائر البشر من حقوق.

 

وما جاء في الفقرة الثالثة من الإعلان الخاص بحقوق المعوقين حيث نصت على أن للمعوق حق أصيل في أن تحترم كرامته الإنسانية وله أيضاً منشأ وطبيعة وخطورة أوجه التعويق والقصور التي يعاني منها نفس الحقوق التي تكون لمواطنيه الذين هم في سنه الأمر الذي يعني وقبل كل شيء أن له الحق في التمتع بحياة لائقة ، تكون طبيعية وغنية قدر المستطاع.

 

والملاحظ أن التشريعات الدولية الخاصة بالمعوقين قد تناولت كافة الحقوق الأساسية للمعوق بالحديث إلا أنها أغفلت حق المعوق بالزواج وتكوين الأسرة ، وكان حرياً بها أن لا تغفل مثل ذلك  خاصة ان زواج غير المتخلف عقلياً لا يطرح كمشكلة فهو كحقه في التعليم أو العمل أو غير ذلك  أما فيما يتعلق بزواج المتخلف عقلياً ، فلها أن تربط ذلك برأي الأطباء وذوي الاختصاص وبذلك تراعى مصلحتهم في هذه القضية .

التشريعات العربية :-

 

لم تتعرض التشريعات العربية إلا لزواج المعاق عقليا ، تأكيداً منها على حق المعوق في الزواج وتكوين الأسرة واتفقت جميعها على حق المعاق عقليا  في الزواج وتكوين الأسرة شريطة أن يكون ذلك بإذن طبي أو بإذن صادر من المحكمة  ورضاء الطرف الآخر .

التشريع المغربي :-

 

جاء في الفصل السابع من القانون المغربي ما يلي :

" للقاضي الأذن في زواج المعاق عقليا إذا ثبت بتقرير هيئة من أطباء الأمراض العقلية أن زواجه يفيد في علاجه أو أطلع الطرف الأخر على ذلك ورضي به "

التشريع الأردني :-

 

جاء في الفقرة الثامنة من قانون الأحوال الشخصية الأردني ما نصه :

" للقاضي أن يأذن بزواج المعاق عقليا، إذا ثبت بتقرير طبي في أن زواجه مصلحة له" 

التشريع المصري :-

 

جاء في المادة التاسعة عشرة فقرة "ب" من قانون" الأحوال الشخصية"  يمنع تزويج المعاق عقليا ذكراً كان أو أنثى إلا بإذن المحكمة , ويلاحظ أن كلا من التشريعين المغربي والادرني يشترطان زواج المعاق عقليا أن يكون برأي طبي ، في حين يشترط التشريع المصري أن يكون الزواج بإذن المحكمة , ويتفرد التشريع المغربي باشتراطه رضى الطرف الأخر في ذلك الزواج .

 

ويظهر مما تقدم أن التشريعات العربية المتعلقة بالأحوال الشخصية قد راعت مصلحة المعوق وضمنت له حق الزواج وتكوين الأسرة وهي بذلك تتفق مع الشريعة الإسلامية , وقد اعتبرت هذه التشريعات الاعاقه العقلية  أحد العيوب التي تجيز للزوجة طلب التفريق من زوجها .

 

أليس من حقوق ذوي الحاجات الخاصة ان تنتابهم المشاعر ذاتها التي تنتاب العاديين من الحب والرغبة في تكوين أسرة؟ أليس لديهم حاجاتهم الجنسية والمعنوية ذاتها أو التي تفوق أحياناً حاجات غيرهم من العاديين.

فالمعاق لا يفشل في حياته الزوجية إلا إذا كان غير قادر على تحمل المسؤولية أو أن يكون هناك خطراً أو ضرراً يترتب على حياته الزوجية.

 .

لذا نرى أنه لا مانع يحول دون الارتباط إذا كان الحب جامعاً بين الطرفين ، وإذا هناك خوف من إنجاب حالة من حالات الإعاقة فليكون ذلك تحت إشراف طبي  وأخذ الاحتياطات اللازمة لذلك فإن حالات الإعاقة غالباً تكون أسبابها كثيرة منها ما هو معروف ومنها ما هو غير معروف والوراثة ليست هي السبب الرئيسي للإعاقة .

 

فالزواج حق مشروع للفرد المعاق كأي فرد آخر انطلاقا من المنظور الإنساني الذي يحث على تحقيق متطلبات الفرد وإشباع حاجاته كي يسلك السلوك الاجتماعي السليم .

 

ونحن نمثل شريحة من المجتمع فمنا من هو مؤيد لهذه القضية ومنا من هو معارض لهذه القضية.

منا من هو مؤيد لقضية زواج المعاقين دون أي شروط .

ومنا من هو مؤيد للقضية بشرط أن يتزوج المعاق من زوجة معاقة.

ومنا من هو رافض كلياً لزواج المعوق .

 

موقف الشريعة الإسلامية من زواج المعوقين : -

أمرت الشريعة الإسلامية بالزواج وحثت عليه ورغبت فيه  من خلال نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية  والأمر المطلق للفرضية والوجوب قطعاً ، إلا أن يقوم الدليل بخلافه ، ولان الامتناع عن الزنا واجب  وهكذا تقرر الشريعة حق المعوق في الزواج وتكوين الأسرة  وإذا كان زواج المعوق غير المعاق عقلياً ليس موضع خلاف، فإن زواج المعاق عقليا بحاجة إلى أذن الولي أو الحاكم لعجزهما عن مباشرة ذلك.

 

فيما يلي حكم زواج غير العاقل في المذاهب الفقهية المعتمدة.:

اتفق جمهور الفقهاء على عدم اشتراط العقل لصحة الزواج، وأجاز للولي أن يزوج غير العاقل وهذا تفصيل أقوالهم

ذهب الحنفية : على أن للولي ولاية إجبار على غير العاقل ، لأن فاقد الأهلية لا يدرك المصلحة إلى تزوجيه، تحقيقاً لمنفعة أو منعاً لمضرة، فيقوم وليه بذلك.

وقال المالكية: للحاكم ان يجبر غير العاقل على الزواج، أن تعين الزواج طريقاً لصيانته من الزنا والضياع .

 

أما الشافعية : فذهبوا إلى أن الأب والجد يلزمان بتزويج  العاقل  إذا ظهرت حاجتهما لذلك، أو كان شفاؤهما متوقعاً بالزواج وفي حالة عدم وجودها، فإن الحاكم هو الذي يلزم بذلك وهو ما عليه المذهب.

 

وذهب الحنفية : إلى أن زائل العقل ليس لغير الأب ووصية تزوجيه .

أما تزويج الفتاة  فقالوا :- إن كانت ممن تجبر لو كانت عاقلة جاز تزويجها لمن يملك إجبارها، لأنه إذا كان يملك إجبارها مع عقلها وامتناعها فمع عدمه أولى . وأن كانت ممن لا يجبر فلها ثلاثة أحوال :

 

الأول:  أن يكون وليها الأب أو وصية كالثيب الكبيرة فهذه يجوز لوليها تزويجها .
الثانية : أن يكون وليها الحاكم . وفي هذه الحالة ففي الحكم رأيان:-

الأول : ليس لها تزويجها بحال، لأن هذه ولاية إجبار فلا تثبت لغير الأب.

الثاني : له تزوجيها إذا ظهر منها شهوة للرجال. سواء أكانت كبيرة أم صغيرة. لأنها بها حاجة إليه لدفع ضرر الشهوة عنها وصيانتها من الفجور كما يملك تزويجها أن قال أهل الطب أن علتها تزول بتزويجها، لأن ذلك من أعظم مصالحها.

الثالث : من كان وليها غير الأب والحاكم .قبل لا يزوجها غير الحاكم فيكون حكمها حكم القسم الثاني .


وقال أبو الخطاب : للأب والوصي تزويجهما في الحال التي يملك الحاكم تزويج موليته.

وخالف " الظاهرية " المذاهب الأربعة في تزويج الفتاة غير العاقل  حيث قالوا : إذا بلغت وهي ذاهبة العقل فلا أذن لها ولا أمر .

 

فهي على ذلك لا ينكحها الأب ولا غيره، حتى يتمكن استئذانها الذي أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم .

 

وقولهم هذا يتنافى مع قواعد الشريعة التي تقرر الولي أو الوصي أو الحاكم في حالة غيابهما شؤون القصر أو فاقد الأهلية ، مراعاة لمصلحتهما وحفاظاً على حقوقهما.

 

ولا شك أن تزويج غير العاقل فيه مصلحة لا تخفى ، وخاصة أن في ذلك محافظة عليه من الضياع والاستغلال  ومن المتفق عليه أن علة ولاية الاجبار على غير العاقل هو ضعف العقل، الذي من شانه أن يجعل صاحبه عاجزاً عن تولي العقد وأدراك وجه المصلحة المرجوة منه وبذلك يظهر رجحان ما ذهبت إليه المذاهب الأربعة .

 

وإذا كانت الشريعة الإسلامية – كما رأينا – تقر حق غير العاقل بالزواج ، وأن ولي الأمر أو الوصي أو الحاكم يتولى تنفيذ هذا الحق لهما  فإن الشريعة من جهة أخرى قد غضت باعتبار ضعف العقل  من العيوب التي تجيز فسخ النكاح أي أنها تعطي الخيار لأحد الزوجين بطلب الفسخ إذا كان شريكه الأخر غير عاقل وذلك حرصاً على عدم الأضرار .

 وأما بقية العيوب المتعلقة بالإعاقة كالعمى ، أو الشلل ، أو الإقعاد ، فإنها لا تعتبر عيوباً تجيز فسخ النكاح .

 

أما إذا طرأ إعاقة عقلية بعد تزوجيه المرأة، فإنها تعزل عنه ويضرب له أجل لعلاجه ، فأن برا من ذلك استمر العقد ، وان بقي على حاله فإن فرق بينهما  لما ثبت من أن عمرو بن العاص " كتب على عمر بن الخطاب " رضى الله عنهما في رجل مسلسل بقيود يخافونه على آمراته فقال: أجلوه سنة يتداوى فإن برأ وإلا فرق بينهما ".

 

ولا شك في أن إجبار الزوجة على البقاء مع زوجها إذا أصيب بالجنون مضارة بها والرسول صلى الله عليه وسلم يقول" لا ضرر و لا ضرار"

وأن الأمر بالبقاء معه أو طلب فسخ النكاح يجب أن يترك لها، لأنها المعنية بذلك أكثر من غيرها

وبعد أن تعرفنا على موقف الشريعة الإسلامية من زواج المعوق، نتعرف على موقف القانون من ذلك ، وهذا هو موضوع الفرع التالي :

 

فتوى :

1- هل يجوز زواج المعاقين والمتخلفين عقلياً ؟ ولماذا ؟

من كانت إعاقته العقلية خفيفة أو متوسطة فيجوز زواجه بمثل أو بمن هو سليم إذا رضي وقبل .

 

2- هل هناك شروط لتزوجيهم؟ وهل تنطبق عليهم شروط الزواج ؟

نعم تنطبق أركان الزواج وشروطه على المتخلفين عقلياً كالأسوياء ويقوم أولياؤهم الشرعيون بإمضائها وإجرائها .

3- كيف يمكن للمعوق عقلياً القيام بواجباته ( واجباتها) الزوجية؟

يمكن للمعاقين عقلياً – ذكوراً كانوا أو إناثا أن يقوموا بواجباتهم الزوجية فمتروك لهم هم ربما يعرفون ذلك الأسوياء أو أكثر لأن هذه غريزة فطرية لجميع البشر بل لكل المخلوقات ، وان قدر وعلم وقوع بعض الممارسات غير الشرعية بينهم كعدم تجنب الوقوع في الحيض ونحوه فينبهون على عدم جوازه إن كانوا يفهمون – وإن لم يتنبهوا فلا شيء عليهم إن شاء الله .

4- هل يقبل الإسلام بذرية معوقة ومتخلفة عقلياً ؟

ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في سنن أبي داود وسنن النسائي . عن عقل بن يسار رضي الله عنه – قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال- إني أصبت أمراه ذات حسب ومنصب إلا أنها لا تلد افاتزوجها؟ فنهاه، ثم أتاه الثانية فنهاه، ثم أتاه الثالثة فنهاه ، فقال : " تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة .

5- كيف يمكن أن نتعامل مع أزواج المعوقين عقليا؟

أرى أنه من المناسب أن يتعامل الناس(المجتمع كله) مع أزواج المعاقين عقلياً كما يلي :

1) إن كانت الإعاقة(شديدة )جداً ولا يمكن التعامل معها سلمياً، كأن يقطع أو يغلب على الظن أنها تهدد حياة المعاق ومن حوله فهذه الحالة لا يجوز شرعاً التزاوج بينهما .

 

2 )وإن كانت  الإعاقة متوسطة فيمكن أن يعطي بعض العلاجات المهدئة والتي تمنع الإنجاب إذا رضي أولياء الزوجين بعد أن يقرر الأطباء المختصون أنهم سينجبون أطفالاً معاقين مثلهم أو اشد .

 

3)أما أن كانت حالة الإعاقة خفيفة  فيعامل معاملة الأزواج الأسوياء مما يرفع معنوياته حتى يحس أنه مثل غيره من الناس، وعلى كل حال فإن زواج المعاق عقلياً مما يخفف ضرره على نفسه وتعديه على غيره علاوة على ما قد يسببه من خير للأمة كلها بسبب الرعاية والعناية بهذه الشريحة من الناس من المجتمع.

موقف القانون من زواج المعوقين ؟

سبقت الإشارة إلى أن الزواج لا يعتبر مشكلة فيما يتعلق بمختلف أنواع الإعاقات – عدا المعاق عقليا – ومن هنا جاءت التشريعات الدولية الخاصة بالمعوقين خالية من النص على هذا الحق . في حين قانون الأحوال الشخصية العربية – المتخذ غالباً من الشريعة الإسلامية نص على حقوقهم بالزواج.

 

 

القوانين والتشريعات الاجتماعية:

مصطلح أو مسمى الإعاقة يستخدم للإشارة إلى وجود نقص جسدي أو عقلي أو حسي أو حركي عند الشخص المعاق وقد يكون ذلك موروثا أو موجودا منذ الولادة أو مكتسبا بعد الولادة، وأسرة الشخص المعاق لا تخرج بتفكيرها ونظرتها لأبنها أو ابنتها المعاقة عن دائرة المجتمع الذي يعيش به الشخص المعاق, وكلما كانت الأسرة واعية ومدركة لطبيعة الإعاقة والصعوبات التي يعاني منها ابنها أو بنتها المعاقة كلما اختلفت النظرة لقضية الزواج.

ويوجد اتجاهين للمجتمع حول زواج المعاقين:

 الاتجاه الأول: هو مطالبة الشخص المعاق بأن يتزوج من شريك مشابه له من ناحية الإعاقة كأن يكون الشريك يعاني من نفس الإعاقة (معاق سمعيا يتزوج من معاقة في السمع) أو أن يعاني الطرف الآخر في الزواج من إعاقة مختلفة ولكن يصنف ضمن فئة المعاقين ( معاق حركيا يتزوج من فتاة معاقة سمعيا).

الاتجاه الثاني: هو السعي لتزويج الشخص المعاق من شريك غير معاق. ولكل من هذين الاتجاهين أسباب ومبررات قد تكون مقبولة أو مقنعة إلى حد كبير. فأصحاب الاتجاه الأول يرون أن مصلحة زواج ابنهم من شريك يعاني من نفس الإعاقة أو إعاقة مختلفة سوف يساعد كثيرا في نجاح الزواج واستمراره ومبرراتهم في ذلك هو أن الشريك المعاق يكون أكثر تفهما وعلى دراية وإدراك ومعرفة تامة بطبيعة الصعوبات التي يعاني منها الشريك المعاق إضافة إلى أن نوعية التواصل بين الشريكين تكون على أفضل وجه وأحسن حال وبأن البيئة التي يعيش فيها الشريكان المعاقان تكون مناسبة ومؤهلة لكلا الطرفين. وفي حالة كون الشريكين من إعاقة مختلفة يكون هناك نوع من الكفاءة الاجتماعية بين الشريكين مما يساعد على نجاح هذا الزواج.

والمشكلة الأهم التي تواجه الأشخاص المعاقين في هذه القضية هي مشكلة الإنجاب:

يرى خبراء اجتماعيون أن هناك أسئلة يجب أن تثار عند زواج شريكين من ذوي الإعاقة وأهمها بالطبع هو قضية الإنجاب والأطفال وقضية الوراثة ( في حالة كون الإعاقة سببها وراثي ) وكيفية تربية الأطفال وتنشئتهم. فعلى سبيل المثال في حالة كون الزوجين من فئة المعاقين سمعيا ويستخدمان إشارة اليد في التواصل تبرز قضية إكساب الطفل اللغة والكلام والتواصل الشفهي وتعليم الأبناء إذا ما كانوا ذا قدرات سمعية عادية. والأمر مشابه عند فئات أخرى من المعاقين.

وعندما يكون الشريكان من فئة الإعاقة العقلية البسيطة تبرز قضايا أخرى كثيرة منها تنشئة الأطفال وتعليمهم والفجوة في القدرات العقلية بين الوالدين وبين الأبناء وذلك عندما تكون القدرات العقلية سليمة عند الأبناء، حيث لا تلاحظ هذه الفجوة في سنين الطفولة المبكرة وتبدأ في الملاحظة والاتساع مع تقدم الأبناء في العمر ففي سنين الطفولة المبكرة تكون القدرات العقلية للوالدين متشابهة أو قريبة جدا من القدرات العقلية للأبناء. أما في السنوات اللاحقة فمن المحتمل جدا أن يصبح الأبناء أكثر ذكاء من الوالدين وأكثر قدرة على التعلم. وهناك أمور وقضايا أخرى عند فئات المعاقين الأخرى مثل المصابين بإعاقة حركية أو إعاقة بصرية.

 

أراء المجتمع حول زواج المعاقين بين مؤيد ومعارض :

مؤسسات تأهيليه خاصة:

تطالب مستشارة التربية الخاصة للبنات وزارة التربية والتعليم الدكتورة فوزية أخضر بإقامة مؤسسات تأهيليه خاصة بتزويج المعاقين وتأهيلهم فالمعاق يكون رب أسرة سيشعر بكيانه وقيمته وليس باستطاعة أحد أن يحرمهم من هذه الغريزه الطبيعية فلا بد من إقامة ورش عمل لمناقشة هذه القضية وتناشد القطاعات الخاصة المجتمع المدني والدول أن يهتموا بهذه الفئة.

قرية نموذجية:

طالبت مديرة مركز التأهيل الشامل قسم البنات حصة العنقري بإنشاء قرية بيئية نموذجية للمتزوجين من المعاقين وأن يكون هناك قائمون على رعايتهم وتوعيتهم وتدريبهم حتى يصلوا لدرجة عالية من التوافق الزوجي الذي يؤدي الى الاستقلال ورأت أن زواجهم بشكل عشوائي سيؤدي الى تدمير جيل كامل لأن هناك زيجات لم تنجح بسبب عدم تأهيل المعاقين وأعدادهم للحياة الزوجية وعدم إدراكهم معنى الزواج وسن قوانين تحمي المعاقين وتحمي المجتمع يلتزم بها مأذون قبل كتابة عقد الزواج وذلك بشهادة طبية تثبت أن إعاقتهم غير وراثية وحصل على دورة تدريبية تأهيليه واجتياز الاختبارات النفسية والاجتماعية بهدف حماية الطرفين ليكون الزواج ناجح.

وشددت على ضرورة تصنيف الإعاقة الذهنية ودرجاتها ومن يسمح منه بالزواج والإنجاب معاً ومن لا يسمح بالإنجاب .

ولكن اعترض الاختصاصي الاجتماعي بالتربية الفكرية علي العمري على إنشاء قرية خاصة بهذه الفئة قائلاً " أننا ننادي بدمجهم في المجتمع لا عزلهم لأن مهارتهم الاجتماعية والسلوكية ستكشف من خلال تعايشهم مع المجتمع بكل سلبياته وايجابياته .

وأشار أن الدولة تتجه نحو إلغاء السكن الداخلي الذي يقيم فيه المعاقين حتى يندمجوا في المجتمع وأن الأفضل هو وضع برنامج تتبناه الدولة ويقوم عليه متخصصون مؤهلون يؤهلون المعاقين للزواج وتربية الأبناء وتحمل المسؤولية من خلال مساعدات مادية واجتماعية ونفسية .

تحفيز وتشجيع:

أكدت «أريج بنت جميل المعلم» - رئيسة القسم النفسي بمركز الأمير سلمان لأمراض الكلى - على أن عدم تمكن المعوق أو المعوقة من الزواج، يشعرهم بالنقص والألم، والضيق النفسي، مشيرة أن كثيرا من المعوقين يستطيعون الزواج؛ إلاّ أنهم يعزفون عنه، بسبب تخوفهم من هذه الخطوة، وعدم إلمامهم بوضعهم الصحي وقدراتهم الجسدية، وغالباً ما يؤثر ذلك سلبا في الحالة النفسية للمعوق، بحيث يميل إلى الانطواء والعزلة، وعدم ممارسة حياته بالشكل الطبيعي، قائلة أن العديد من ذوي الاحتياجات الخاصة قادرون على الزواج وتكوين أسرة ناجحة، ويتجاوز الأمر الزواج بتطوير حياتهم وقدراتهم للأفضل بشكل إيجابي، مشجعة بقية المعوقين العازبين بالإقدام على الزواج، مطالبة بتكثيف دور المجتمع بتشجيع «المعوقين» على الزواج والتكوين الأسري، مع توفير الفرص الداعمة لإتمام هذا المشروع ومنحهم الفرص المعيشية والوظيفية وتوعيتهم بالايجابيات، بحيث يدخل المعوق مضمار الحياة وهو مستعد لمواجهة صعاب الحياة وتحدياتها.

رفع الاعانة:

واقترح «د. عبدالله العويرضي» - رئيس مجموعة التفاؤل التطوعية لدعم ذوي الإعاقة - رفع الضمان الاجتماعي للمعوقين المتزوجين من 835 ريال إلى 3000 كحد أدنى، وتوفير وسائل مواصلات مناسبة، تستوعب الكراسي المتحركة للزوجين، وسرعة تفعيل القرار الملكي الكريم بتوفير سيارات من وزارة الشؤون الاجتماعية للمعوقين مجاناً، إضافة إلى السماح للمعوقين باستخراج أكثر من تأشيرة، لاستقدام خادمة وسائق ومرافق، مشدداً على أهمية التهيئة النفسية للزوجين بعد الزواج؛ ليتقبل كلٌ منهما الآخر، من خلال إقامة بعض الدورات وتوفير مستشارين اجتماعيين وأسريين، وجعلهم حلقة وصل دائمة، حتى يستطيعوا تجاوز مشاكلهم وما قد يعتريهم في حياتهم الزوجية.

ثقافة العيب:

ونوهت «د. فوزية أخضر» - عضو مجلس إدارة جمعية الأطفال المعوقين - أن هناك العديد من المحاذير التي تسبق تبني زواج ذوي الإعاقة، سواءً من قبل الأسر أو المجتمع أو من قبل ذوي الإعاقة أنفسهم، لكون ذوي الإعاقة وأسرهم لا يناقشون هذا الموضوع بصراحة وشفافية، فالأسرة تتحاشى المناقشة بسبب «ثقافة العيب» وخجلها بأن يكون لديها ابن معوق، وخاصة التي تودع ابنها المعوق في المؤسسات الإيوائية، مشيرة إلى أن «وزارة الشؤون الاجتماعية» هي المسؤولة الأولى عن تزويج وتأهيل المعوقين، مقترحة على الوزارة تكوين لجنة أو هيئة خاصة، لتأهيل وحماية ذوي الإعاقة على مستوى المملكة، وتختص بإقامة الندوات واللقاءات، وتنشيط ثقافة العمل التطوعي والمسئولية الاجتماعية لدى المجتمع.

توفير مساكن:

ودعا «د. مازن خياط» - عضو لجنة الشؤون الاجتماعية والأسرة والشباب بمجلس الشورى - المؤسسات المجتمعية دعم المعوقين مادياً، وتقليص المعضلات التي تتشكل أمامهم دون اتمام زواجهم، قائلاً: «يجب على كل أسرة معوق عدم الوقوف ضد رغبة ابنهم أو ابنتهم سواء فيما يتعلق بالزواج أو غيره»، مطالباً وزارة الإسكان بتوفير السكن الملائم لهم، وتصميمه بشكل يتناسب مع إعاقاتهم، كإجراء تعديلات في دورات المياه والمطبخ وغيرها، منادياً وزارة الصحة أن توفر العلاج الكامل للمعوقين لتلافي مشاكل عدم الإنجاب وغيره.

 

احترام وكرامة:

وأوضح «د. عبدالله الناصر» - أستاذ الثقافة الإسلامية بجامعة الملك سعود - نظرة الشرع في زواج المعوقين قائلاً: «ينظر الإسلام إلى المعوقين نظرة احترام وكرامة، فهم كغيرهم من بني آدم، ولذا لا يجوز أن ينظر إليهم نظرة ازدراء أو تقليل، بل ربما يكونوا مصدر خير للمجتمع أو الأسرة التي فيها هذا المعوق»، مستشهداً بالحديث النبوي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أبغوني ضعفاءكم، فإنكم إنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم» مشيراً إلى ان الإعاقة متفاوتة بين جسدية وعقلية، فالمعوق جسدياً كالأعمى والأصم والأبكم ومقطوع اليدين أو الرجلين، أو أحدهما، فهذا القسم مثله مثل الصحيح في الزواج، والشرط الرئيس حتى يعتبر زواجه معتبراً شرعاً أن يبين ذلك للطرف الآخر (زوجة أو زوجا) ويرضى به بعد معرفته، مبيناً أن زواج المعوقين قد حدث منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، فبعض الصحابة كانوا مكفوفين كابن أم مكتوم وقد تزوجوا وأنجبوا، فهذا لا يخشى منه ضرر، وبذلك يحرم منع الابن أو الابنة من الزواج بحجة الإعاقة، أو عدم القدرة على القيام بمسؤولية الأسرة، أو من باب الشفقة والرحمة به أو بها، وكم من معوقة رزقت بزوج رحمها وقدرها أكثر من والديها، وكم من معوق رزق بزوجة صالحة أعانته على إدارة منزله وتربية أولاده، منبهاً المعوق أو ولي أمره على ضرورة تبيين درجة الإعاقة بدقة ولا يسهلها على الطرف الآخر، أو يكتم شيئا منها، فهذا كله من الأمور المحرمة المنهي عنها.

ويقول الخبير الاجتماعي ناظم فوزي بأن الكثير من الدراسات أجريت في السنوات الماضية على زيادة الوعي لدى الأشخاص المعاقين في حقهم بالزواج وتكوين أسرة ومطالبة الحكومات وصانعي القرار في الدول المختلفة في هذا الحق، ونجد ظاهرة العرس الجماعي للمعاقين قد انتشرت في بعض البلدان العربية وتعد دولة الإمارات من أوائل الدول العربية في توفير مثل هذا النوع من الأعراس ورعايتها وتشجيعها . وتوجد كذلك في بعض الدول العربية جمعيات خاصة مهمتها مساعدة الأشخاص المعاقين على الزواج سواء كان ذلك عبر المساعدة المالية أو المساعدة في إيجاد الشريك المناسب.

 

رأي علماء الدين في زواج المعاقين:

اختلف رجال الدين حوله فمنهم من طالب بزواج المعاقين لاعتبارات إنسانية فهم بشر ولهم حقوق وعليهم واجبات ولكن لابد أولاً من استشارة الطبيب والحصول على موافقته أولا، ومنهم من رفض زواجهم رفضاً قاطعاً لأنهم برأيه أشخاص عديمو الأهلية لا يستطيعون تحمل أعباء ومسؤوليات الزواج ولذلك فإن زواج المعاق ذهنياً غير جائز طبقاً لأحكام الشريعة والقانون.

 

رأي أولياء الأمور:

 

أجمعت الغالبية العظمى من أولياء الأمور على رفض زواج أبنائهم لأن الزواج مسؤولية كبيرة ورعاية ابن واحد متعبة فكيف برعاية أسرة مكونة من شخصين ثم يزداد العدد تباعاً بالإضافة  أنه قد يكون الهدف منه منذ البداية الاستغلال والمنفعة خصوصا إذا كان المعاق ثريا أما البعض الآخر فقد أجمع على الموافقة على مثل هذا الزواج لكن بشروط معينة منها أن تكون درجة الإعاقة بسيطة وأن يتم الزواج تحت إشراف جهة علمية مختصة وموثوق بها بالإضافة إلى إشراف ومتابعة الأسرة وأخصائيين يتابعون الزواج ويوجهونه من خلال جلسات الإرشاد الاجتماعي والنفسي والأسري والتربوي، وطالبت كثير من الأسر بضرورة توفير المرشد الديني المؤهل علمياً ودينياً للإرشاد الديني لأسر المعاقين وأيضاً للمعاقين أنفسهم بحيث يبسط لهم مفهوم الزواج ويشرح لهم تكاليف الزواج وأعباءه ومسؤولياته.

رأي علماء الاجتماع:

 

يرى علماء الاجتماع أن الشخص المعاق ذهنياً إعاقة بسيطة يمكن له الزواج، أما الأشخاص المعاقون ذهنياً بشكل كبير فلا يحق لهم الزواج لأن الزواج له مسؤوليات وتبعات لا يستطيعون تحمل عبء القيام بها وهم غير قادرين على إعالة أنفسهم وبالتالي غير قادرين على إعالة الآخرين وتوافق معهم في الرأي علماء النفس.

رأي رجال القانون:

 

يرى رجال القانون أن الزواج في مثل هذه الحالات جائز إذا تم حسب نصوص الشريعة الإسلامية ووفقاً لتقارير طبية تحددها الجهات المعنية.

رأي خبراء التربية الخاصة:

 

يقول خبراء التربية الخاصة أن الزواج مسؤولية كبيرة لا يستطيع الإنسان المعاق ذهنياً أن يتحملها لأنه يحتاج شخصياً لمن يرعاه بالإضافة إلى كثير من المشكلات الأخرى يأتي في مقدمتها ميلاد طفل لهذا الإنسان المعاق فمن سيتحمل مسؤولية تربية هذا الطفل خاصة بعد وفاة والديه لذلك يشترط خبراء التربية الخاصة أن تكون الحالة الوحيدة التي يسمح فيها للمعاق ذهنياً بالزواج ألا تكون إعاقته مؤثرة على درجة عمل وكفاءة المخ ومقدراته العقلية لأن رسولنا الكريم قال: (رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ وعن الطفل حتى يبلغ الحلم وعن المجنون حتى يفيق).. والشخص المعاق ذهنياً هو الحالة الثانية فمقدراته العقلية كمقدرات الطفل الصغير.

وقد طالب الكثيرون من أولياء أمور الأشخاص المعاقين ذهنياً علماء النفس والاجتماع وعلماء الدين ورجال التربية الخاصة بضرورة إيجاد بدائل يستطيع المعاق ذهنياً تفريغ طاقاته الجسدية من خلالها ما دام الزواج لا يصلح من وجهة نظر الغالبية العظمى من الخبراء.

أما من حيث آراء الشباب ومنهم من يحمل احدى الإعاقات حول كيفية تغيير نظرة المجتمع تجاه زواج المعاقين.

نظرة المجتمع تغيرت للأفضل

يؤكد أحد الأشخاص الى  إن نظرة المجتمع تجاه زواج ذوي الاحتياجات الخاصة تغيرت كثيرا للأفضل ، بدليل إن كثيرا من العائلات لا تمانع من زواج احد أبنائها أو بناتها بذوي الاحتياجات الخاصة، طالما توافرت في الشاب أو الفتاة حسن الخلق والطموح وتحمل المسؤولية.

ويشير إلى إن كثيرا من زيجات ذوي الاحتياجات الخاصة ناجحة خاصة الصم والبكم الذين يمتازون بطبيعتهم بالهدوء والروابط الاجتماعية القوية.

مطلوب توعية المجتمع

يطالب البعض بأخذ موافقة الفتاة محل الاعتبار في اختيار شريك الحياة طالما انه ذو أخلاق كبيرة وقادر على الحفاظ والإنفاق عليها وقادر على الإنجاب أيضاً.

ويرى إننا بحاجة إلى المزيد من التوعية وترسيخ ثقافة زواج أصحاب الإعاقة لان من حقه الزواج والإنجاب وتكوين بيت وأسرة وذرية تحمل اسمه وهذه ابسط حقوقه.

الازدواجية تسيطر على اختيارات العائلات

يرى البعض الأخر أن فرصة ذوي الاحتياجات الخاصة في الزواج باستثناء أصحاب الإعاقة الذهنية أصبحت أفضل الآن عن ذي قبل وربما لأن وجهة نظر المجتمع تغيرت بعض الشيء فنجد الآن معاقين متزوجين من فتيات سليمات ويعيشون حياة طيبة ومستقرة وبالتالي النظرة تغيرت ولكننا نحتاج بعض الوقت للوصول إلي التغيير الكامل.

 

الإرادة تحقق المستحيل

أن الإعاقة ليست عيباً فالإرادة والعزيمة والإصرار والثقة بالنفس هي الأهم وكل إنساناً فيه عيوب فقد تجد إنسان سليم الجسم لكن بلا عقل وقد تجد إنساناً معاقاً لكنه صاحب عقل مبدع ومنتج إذن المقياس هنا بالإرادة وقوة العقل والقدرة على الإبداع والعطاء.

وعلى الجهات المختصة والمؤسسات التي تهتم بذوي الاحتياجات الخاصة بإنشاء مركز للزواج خاص بأصحاب الإعاقة للتوفيق بين الشاب والفتاة ومساعدتهما على الزواج فضلاً عن القيام بحملات توعوية بالمدارس والجامعات والمساجد ومن خلال الصحف والإذاعة والتليفزيون للتوعية بأهمية المعاقين وضرورة القبول بهم وإدماجهم بالمجتمع.

 

زواج ذوي الاحتياجات سعادة تتحدى الإعاقة

 

تقول أحدث الإحصاءات إن هناك 600 مليون شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة في العالم، 80% منهم في الدول النامية، ودفع هذا العدد الكبير العديد من المنظمات العالمية للمطالبة بإدماج هذه الفئات في المجتمع، منبهة إلى ضرورة معاملتهم معاملة سوية وغض النظر عن الإعاقة، ويعتبر الزواج وتكوين الأسرة احد أهم بنود هذا الاندماج إلى جانب حصولهم على حقوقهم الإنسانية والمعيشية ومراعاة ظروفهم الصحية بقدر الإمكان، ورغم إيمان الكثير بهذا الهدف وتطبيق البعض له إلا أن هناك فئة مازالت تعتبر المعاق إنساناً غير مكتمل، ولا يحق له الزواج والإنجاب إما خوفا من فشل التجربة أو من رفض الآخرين للنتائج المتوقعة في حال وقوع مشاكل، وتبدو نقطة الخلاف في هذا الموضوع على من تقبل أو يقبل الارتباط بشخص معاق وما الشروط التي تحكم الطرفين، وهل هناك بنود يجب إضافتها لعقد زواج المعاقين غير موجودة بالعقد الأصلي على اعتبار ان العقد شريعة المتعاقدين.

 

قصص وتجارب:

قصة العم سعيد

بدأت القصة حين قررت سيدة مواساة صديقتها التي يعاني أحد أفراد أسرتها من متلازمة «داون» والتخفيف من قلقها على مستقبله، إلا أنها أكدت لها أن الحياة ستسير بشكل طبيعي ولا خوف عليه، وخير مثال قصة أبي الذي يعاني من المرض ذاته ، ونحن جميعاً نفتخر به، ولا نجد حرجاً من أن يظهر للمجتمع بصورة طبيعية.

فحققت هذه القصة إشادة كبيرة لبر الأبناء بوالدهم، الذي لا يعي أبداً أنهم أبناؤه، ليتحولوا مع مرور الزمن إلى آبائه الذين يرعونه، إذ وُلد بمرض متلازمة «داون»، الذي يقيد التفكير ويبقي المريض في مرحلة عمرية محددة.

وسرد علي سعيد الحميدي وهو أحد الأبناء، قصة والده التي تقترب من حدود الدهشة، وقال يبلغ والدي الآن ٥٣ عاماً، قضاها في معاناة مستمرة مع مجتمع لا يستطيع أن يتقبل إلا الأصحاء، وهو أب لثلاثة أولاد وبنتين، حقق بهم المعادلة الصعبة وأكد للمجتمع أنه فرد صالح ومنتج، ولا يختلف عنهم بل هم المختلفون.

وأوضح «أخبرني جدي أنه تعب من زيارة الأطباء لمعالجة والدي، وحين قرر أن يزوجه ويجد له زوجة ترعاه، نصحه الأطباء بنسيان الأمر، لوجود احتمال في إصابة أطفاله بالمرض ذاته، وهذا سيزيد من المعاناة أكثر، لكن جدي رفض أن يسمع لهم، ونصحه بعض الأصدقاء بتزويجه من الخارج، فذهب إلى الهند وعقد قرانه على والدتي».

 

وصلت الأم إلى الإحساء، وبدأت رحلة الغربة مع زوج مريض، ومجتمع مختلف عما كانت فيه، وشعرت بالعزلة التامة، وبعد أربعة أعوام وإنجابه لأربعة أطفال قررت العودة لوطنها تاركة خلفها ولدين وبنتين، كان مصيرهم أن يتوزعوا بين الجبيل والدمام والإحساء.

 

وقال علي «كنت أعيش مع جدي، ولم أكن ألتقي بإخوتي، بل نسيت ملامحهم وبالمصادفة التقيتهم بعد مرور عامين في لقاء سريع، وأنجبت والدتي أخي الأصغر في الهند، وبعدها قررت العودة للإحساء»، مضيفاً «لم نكن نشعر بالأبوة في صغرنا، وكان همنا الأكبر كيف ندافع عن والدنا في الشارع، ونطرد عنه المتخلفين الذين يحاولون إيذاءه، وهذا الأمر تغير حين كبرنا وأثبتنا للمجتمع أن هذا الرجل المريض أنجب رجالاً وسيدتين يفتخر بهم مثلما يفتخرون به».

 

اضطر الأبناء إلى عدم إكمال الدراسة، للعمل المبكر ورعاية والدهم الذي لا يستطيع تلبية أبسط متطلباتهم، ويشير علي «لم نكمل المرحلة الثانوية، إلا أن أخي الأصغر أدخل السرور إلى قلوبنا حين تم قبوله في الجامعة ليحقق أحلامنا في إتمام الدراسة شعور لا يمكن أن يوصف».

 

 

وقال «كثيرون لا يعلمون أن والدي لا يعي أننا أبناؤه، وهو شعور مؤلم لمن جربه، ولكن عندما تزوجنا أصبح يلح بالسؤال عنا وعن أطفالنا، وحين نجتمع عنده يعبر عن سعادته بطريقته الخاصة».

 

وفي سؤال عن «لو رجع الزمان به للوراء هل سيختار والد غير والده؟»، صمت علي طويلاً قبل أن يجيب بثقة كبيرة «بالطبع لن أختار سوى والدي الحالي، والسبب واضح أنني أفتخر به وأراه أعظم الآباء، وأنه سيكون سبباً رئيساً في دخولي الجنة فثقتي بالله كبيرة جداً»، مضيفاً أكثر ما يؤلمني أنه يشعر بالحزن، وأعتقد أن حزنه الداخلي أكبر من تصورنا وهذا مؤلم جداً

.

انتصر سعيد الحميدي بعد مرور أكثر من ربع قرن على نظرة المجتمع الدونية له، وأصبح يسير في الشارع دون خوف أو قلق من استهزاء الناس به، إذ حقق المعادلة الصعبة أن يعيش عمراً أطول، ويتزوج ويكون لديه أطفال، فأحفاده يملؤون المنزل سعادة معه، بل منحوه طفولته المفقودة، وإن لم يستطع التعبير عن ذلك  تظهر ملامح سعيد الهادئة جداً وعيناه التي تسلل إلى محيطهم التجاعيد، حكايات أعوام طويلة من الإقصاء والضرب والاستهزاء، وعلى رغم عدم إدراكه إلا أن هذا لا يُشعر أبناءه بالحرج في المناسبات الاجتماعية، وعلل ابنه ذلك بـ هو طفلنا المدلل الآن، وله الحق في أن يفعل ما يريد.

 

علي عبدالله بن سفيان صاحب تجربة زواج ناجحة ويعمل بالتجارة قال: وقع لي حادث أليم أصبت من بعده بشلل رباعي أقعدني عن الحركة وجعلني رهين كرسي متحرك منذ عام ،1987 اثر الحادث كثيرا في حالتي النفسية وجعلني أغير مجرى حياتي وأبدأ رسم مستقبل جديد يتناسب مع الوضع القائم وبالفعل بدأت العمل في التجارة على قدر استطاعتي وكل أصدقائي يتزوجون وينجبون وينعمون بحياة طبيعية، وهو ما جعل أهلي يلحون علي بضرورة الزواج ليكون لي شريكة في الحياة ولحظتها لم أخف أنني خفت كثيرا وكنت أطلب من الله زوجة صالحة تقدر حالتي وتعينني من دون أن أسبب لها أذى في مشاعرها أو اقصر في حقوقها، وأول من عرضت عليه الموضع كان احد الأصدقاء القريبين مني لسببين أولهما انه يعرف أخلاقي جيدا والثاني لأن له أختاً كنت أتمنى الارتباط بها، وبالفعل عرض صديقي الأمر على أخته وسط رفض عارم من الأهل الذين كانوا يخشون فشل التجربة وعدم القدرة على الصمود.

 

ورغم أن حالتي ظاهرة للعيان إلا أنني شرحت لها ولأهلها الحياة بعد الزواج كاملة، خاصة أنها كانت متزوجة من قبل وتعاني من زوجها السابق ووجدت معي على حد قولها الدفء والحنان الذي افتقدته في زيجتها السابقة.

 

وعن الحياة بعد مرور خمس سنوات على هذا الزواج الناجح يؤكد بن سيفان أن الحياة لا تخلو من المشاكل لكنها مشاكل عادية موجودة في كل بيت فالحمد لله زوجتي لم تشعرني يوما بأي تقصير من جانبي ناحيتها، وحتى تكون حياتنا أفضل نقوم الآن بتربية ابنة شقيقها إلى أن يرزقنا الله بالخلف الصالح.

 

أما الزوجة وتدعى تغريد رشاد عبدالله فقالت: عندما تقدم لي عارض أهلي هذا الارتباط وخافوا عليَّ من التجربة وبالفعل أعطيت لنفسي مهلة امتدت إلى عامين ولكنني في النهاية قررت الارتباط به نظرا لتمسكه الشديد بي ولمعرفتي بحالته كاملة فهو لم يخف عليَّ شيئا منذ البداية، ووقتها كان كل همي إسعاده ومعاونته فتركت عملي وتفرغت له ومرت الحياة بحلوها ومرها وها نحن اليوم أكملنا عامنا الخامس في هذا الزواج.

 

وعن الصفات التي يجب أن تتحلى بها من تقدم على مثل هذه التجربة تشير تغريد إلى أن الإعاقة تحتاج لرعاية وتفهم لطبيعة الشخص وحالته كذلك تحتاج إلى مزيد من الصبر والاحتمال فدائما ما يكون المعاق حساساً جدا لأقل كلمة تصدر من الطرف الأخر، وعن تقييمها لهذه التجربة تؤكد تغريد أنها لم تندم يوما على خوضها على الرغم من وجود مشاكل عديدة إلا أنها تعود وتؤكد أن هذه المشاكل موجودة في كل بيت وتعتمد على شخصية الإنسان وأسلوبه في مواجهتها.

 

وفي الختام على المؤسسات تقديم التوعية للمجتمع بحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة للزواج وتقديم الخدمات الإرشادية للمعاقين قبل وأثناء وبعد الزواج لتحقيق التوافق والاستقرار  وتقديم المعرفة اللازمة لتبصير ذوي الإعاقة بمقومات اختيار القرين.

 

 

بتاريخ: الأحد 15-05-2016 07:59 صباحا  الزوار: 8500    التعليقات: 0



محرك البحث


بحث متقدم
المتواجدون حالياً
المتواجدون حالياً :2
عدد الزيارات : 5819143
عدد الزيارات اليوم : 1045